هاشم صديق.. هذا النيزك المتفجر.. ذاك القمر المضيء.. ذلك اللسان الناطق باسم الشعب.. بل هو ضمير للشعب.. قلت مرة له.. لو لم تكتب غير الملحمة لكفاك زهواً ومجداً وتاريخاً.. قلت له مرة.. لقد وصلت بالملحمة إلى آخر بوصة في جبل إبداعك الشامخ.. لن تكتب بعدها ما يثير ويفجر البراكين مثل ذاك الذي فعلته الملحمة.. كنت واهماً.. بل غبياً.. كيف يكون ذلك وهو الذي لا يرى إلا بعيون الأمة.. لا ينطق إلا بلسان الشعب وهطل مطر الإبداع في كل حزن عاشه الوطن.. في كل بؤس غرق فيه أبناء الوطن.. غنى في زهو طير طليق.. في أفراح وأعياد الوطن.. كانت سحابة القرنتية.. ثم تدفق شعراً سيل الوجع.. عندما اجتاح الوطن الوجع.. إنه هاشم صديق وكفى.. ذاك الذي صاغ الملحمة وهي تصور أول هبة في تاريخ الوطن في العصر الحديث.. بل هي أول ثورة شعب أعزل.. إلا من فروع النيم تلويحاً وقبضات الثوار وهي تشق فضاء الدنيا.. ليس في السودان فحسب.. بل في كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج... وها هي الأمة العربية تعيش زهو ربيع الثورات الشعبية.. وها هو الإعلام العربي المنحاز.. بل الجاهل الغشيم يعلن أن تونس ومصر قد ابتدعتا الثورات الشعبية وهي تخلخل وتطيح باستبداد الحكام.. وتهوي إلى السفح بأنظمة الطغيان.. وهم يتناسون عمداً ويتجاهلون سفاهة أكتوبر المصورة في مهارة الفنان في الملحمة.. ولأن إعلامنا مسكين خافت الصوت ويتيم.. ما استطاع إيصال الملحمة إلى فضاء الدنيا.. وها نحن نفعل إحقاقاً لوطن كان الرائد والقائد في فن إسقاط الجبابرة عبر حناجر وأكف وقبضات الشعب.. وها هي مساهمة الوطن.. بل هدية الوطن أو هي «نقطة» عرس أعراس الأمة العربية.. هدية متواضعة من شعب أبي شجاع باسل ونبيل.. ومن شاعر ثوري حتى آخر سبيبة في رأسه.. لتعلم الدنيا كيف هو السودان.. وكيف هو شعب السودان.. وكيف هو لسان حال الأوطان.. هل هناك لسان أشجع وأقدر من لسان هاشم صديق. يا أكتوبر أنحنا العشنا ليالي زمان في قيود ومظالم وويل وهوان كان في صدورنا غضب وبركان وكنا بنقسم بالأوطان نسطر اسمك يا سودان بدمانا السالت راوية الساحة حلفنا نسير ما نضوق الراحة شهرنا سيوف عصيانا المدني وكانت وحدة صف يا وطني إيد في إيد حلفنا نقاوم ما بنتراجع وما بنساوم خطانا تسير في درب النصر هتافنا يدوي يهز القصر كسرنا حواجز أزلنا موانع صفنا واحد عامل وطالب.. زارع وصانع وهزمنا الليل والنور في الآخر طل الدار وهزمنا الليل والعزة اتهادت للأحرار üüü وطني نحن سيوف أمجادك ونحن مواكب تفدي ترابك ولسع الشارع بشهد لينا يوم الغضبة حصاد ماضينا مشينا نعطر حقل الثورة بدم نفديبو بلادنا الحرة وكان أكتوبر فجر الغضبة كسرنا قيود الماضي الصعبة ولما مشينا مواكب صامدة بتهدر وتغلي وتهتف راعدة الرصاص لن يثنينا وسال الدم بأرض الوادي فدينا النور بالروح يا بلادي وكانت صفحة حكاها العالم وفجر أكتوبر طلّ وسالم وهزمنا الليل والنور في الآخر طل الدار