رمضان كريم . النسوة يتجاذبن اللغط ، وأيديهن على (القرقريبة) تعوس، هنا شميم الآبري ينبعث من كل قلب يا بلادي ، يرفرف في الهواء فوح (القرنجال المكوجن)، هناك أيضاً ينبعث البارود من كل (جخنون) في الجبال، الرجال يتهامسون بغضب في الظلام ، وايديهم على الزناد لا تني ، فالحلو قرر أن يذيقنا نصفه المر ، ويرينا رمضان خريفياً غير آمن . لقد استبدل الهلال الأغر بنجمة ، حمراء ، تقطر دماً عالياً علو الجبل. ***** لم يشأ أن يفاجئ أحدا ،ومع ذلك فاجأنا كما رمضان وغيره 0 صعد الى النقرة كما توعد تماماً ،تاركاً وراءه كل الصبر وكل المصانعة، فلقد قال لنا من قبل: بالدرب العديل قد انال وطري ، وقد لا ولكن بالفضل والاحسان سأناله منكم . لكننا قلنا له لا . جون قرنق مات . والجنوبيون فاتوا وكفى.. الحلو جلس يوماً يغني : يا طالع ( الشجرة ) ، جيب لي معاك بقرة ، تحلب وتسقيني، معاكم. كانوا يقولون له : النجم أقرب لنرينك نجوم عز الظهر جميعاً بعد الآن ، ونجمة نجمة ستعد ليلك النابغي. وهاهو يرتقي جبله لكي يقترب أكثر فأكثر من نجوم عز الظهر فيعدها لنا ثم يدحرجها فوقنا ، جمجمة جمجمة ، ويصرخ ملوحاً من بعيد : هووي يا النجمة ، ويا الهجمة !. ***** يستمر الجدل ، و ... الحلو ما بكمل !. لقد قال لرفاقه : والله لم أشأ أن أدخل الغابة ، لأنني حينها سأضطر الى صعود (الشجر ) والاختباء خلفه والاستظلال به والتغذي بثمره ، ولكنني الآن أقتدي بسيدي المهدي ، لقد آوى الى المكان ذاته بادئ الرأي ، ثم تنهد قليلا ومضى في السهوم عميقاً .. هيه انصار الإمام طلبوا بذلك الباقية رغم أن الجلابة هم الجلابة ، وفوق ذلك اعتلوا ظهور الشجر في شيكان ليفاجئوا هكس كالكوابيس . لا حل إذا إلا بهذه التبلدية المتكبرة ، في جوفها الماء ويجري من تحتها الظل وفي اعطافها القنقليس، أبيض القلب ، وفيها ( حكة الشرا ) والثعابين وكل شئ . فلا حل آخر. إما الشجر، وإما الحجر لقد اخترت أن أعدّ جبال عزّ الظهر كما شاؤوا علهم يرضون . ولكن الجبال أيضا لا تخلو من شجر، الشجر يطاردني حتى في احلام اليقظة ، أصبحت كلما رأيت شجرة اشعر بالتواطؤ والرغبة في البكاء . ولكن المهدي الذي عاش هنا كان لا يحلم الا باشجار الجنة وثمارها . فلا حل مع الشجرة ، حتى في جهنم شجرة زقوم وهجمة ! . ***** الحلو .. مر ينداح 0وتنداح أخبار رمضان في احياء كادوقلي ، والبارود ايضاً يتصاعد بعض رجال الى الجبال يتصاعدون وبعض نساء ورجال آخرين الى ظلال الشجر سترتفع عقيرة مولانا : والله لأجعلنّه يعدّ نجوم عز الظهر ويخطئ في آخر مطافه فيكتشف انه كان يعد الشجر في خياله. وهذا الشيوعي المتمرد أخخخخخخخخ ! يا للوثائق والأدلة الدامغة . خططوا بليل مستنجم ، لنقل الحرب الى الخرطوم . رسموا ههنا مواقع البيوت الفارهة، حيث اطفال اعدائهم ينامون ، واماكن الفوضى تنتظر مصيرها ، قرب القصر . وياسر عرمان الذي لا يدري ما يجيش في صدر مولانا يصلي من اجل اتفاقية جديدة برعاية بريطانية والوقت يمر مليئاً برائحة الحلومر رمضان على الابواب كريماً كما هو، والخريف يداهم المزارعين ولا وقت للحرب. مالك عقار بدأ يراهن على شعب النيل الأزرق بدلاً عن الحركة بعد أن طغى عليها لون الجلابة الأحمر ، اطلق عقار الدعوة لتأسيس كيان جديد سماه ( كيان كل ابناء النيل الأزرق : ككر ) وكأنه ينسحب رويداً رويدا من مجازفات باقي الرفاق ، ولذلك قال الحلو : سأقود بنفسي حركة تغيير النظام ، نعم بنفسه وليس بالحركة التي يترأسها مالك . اذاً فقد اختلفوا . ***** ما الحل؟ ليس معقولاً أن تلغى نتائج الانتخابات ، بعد أن ألغيت من اجلك يا جميل ياحلو نتائج السجل وتقسيم الدوائر ، كفاية خرخرة !. هكذا يقول لنفسه وسط دخان البارود. وفي الأثناء ، سلفاكير هنالك يتصاعد منه دخان الكدوس وهو يلعن حظه ويسب يوم المناطق الثلاث والبروتوكولات الثلاثة ، وخلف القضبان ينزوي تلفون كوكو وهو يضحك : هذا هو النصف المر من حلو الانفصال، تتركوننا في العراء بعد أن ، وبعد أن . الآن هل ستقفون الى جوارهم كما وقفوا من قبل ؟ الحلو في المغارات وانا في الغياهب . دي آخرتها؟. الحلو المر يغني وحده بأمل يائس : يا طالع الشجرة ، جيب لي معاك أفراح من سكة المطرة إيه ايتها (الشجرة )؟. نلقي حجرا، فألقي ثمرا . تلقي نجما ، فلا تلقي سجما! يغني مغموماً لا، لا بأس يا حلو عندك الشعب يريد تغيير النظام عندك أمبيكي وهنالك سيدي الصادق ، بدأ يراهن على الأزمة . ولكن الحلو لا يثق بأحد يعطيه ما يشاء الا ( الوطني ) ، الحلو يحارب مراوح الشجر ويحنو عليه ، لأنه الوحيد الذي يرمي الظل والفاكهة ، والوطني لا يعطي شيئاً الا اذا اضطر ، فمتي سيضطر ياالهي! ، رمضان والخريف كريمان على الأبواب . فقط اتفاق خاص ... وخلاص.