سمي هذا العصر بعصر المعلومات لانفجار المعلومات في المجتمع، وتعدد أنواعها وأشكالها، ولكن تحتاج هذه المعلومات الى ضبطها وتنظيمها لاسترجاعها من قبل المستفيدين منها عن طريق مؤسسات المعلومات المختلفة، والتي منها المكتبات بانواعها المختلفة. المكتبات المدرسية وهي من أهم انواع المكتبات، وهي تلك التي تلحق بالمدارس في مختلف المراحل، ويشرف على إدارتها وتقديم خدماتها أمين لها.. وتهدف الى خدمة مجتمع المدرسة (المعلمين، الطلاب). ومن أهدافها ووظائفها توفير الكتب والمطبوعات الأخرى التي تتناسق وتدعم المنهج الدراسي، مساعدة الطلاب وتوجيههم في اختيار الكتب والمطبوعات للاستعمال الشخصي. غرس عادة إجتماعية وسلوكية جيدة كالتعاون والمحافظة على الهدوء والمواعيد. مكتبات الأطفال مطالبة بأن تجذب إهتمامات الاطفال بطرق متنوعة مبتكرة حتى تقاوم الملل الذي قد يتسرب الى نفوس الأطفال، وتتغلب على الفتور الذي قد يعترض إقبالهم على المكتبة إذا سارت خدمتها بأسلوب رتيب يفتقد الى التجديد والابتكار، كما أن الفروق الفردية بين الأطفال تتطلب تنوع الأنشطة حتى تقابل الميول المتباينة، والقدرات المتفاوتة، والمستويات التحصيلة المختلفة.. وكثرة تنوع خدماتها وأنشطتها يجعلها قادرة على تلبية إحتياجات الأطفال في القراءة والتربية والتعليم والترفيه فى مراحل النمو المعرفي والعقلى للطفل، خلال سنوات دراسته بمراحل التعليم الأساسي. من الأنشطة التي تقوم بها المكتبة المدرسية المسابقات، ولها أهمية خاصة فمنها مسابقات القراءه الحرة والتى تعتمد على القراءة والتلخيص ونقد الكتب، ومنها مسابقات البحوث والمقالات في أي موضوع من الموضوعات التي تهتم بالأطفال مثل أرشيف المعلومات أوالالبومات التي يجمع فيها الأطفال الصورة والرسومات والتعليقات والخرائط عن موضوع معين. هذه المسابقات تحقق إثراء لمعلومات الأطفال بإثارة روح التنافس الشريف بينهم وترشيد قراءة الأطفال وتوجيههم نحو القراءة الواعية. إن غياب المكتبات المدرسية يؤثر على الطلاب ويجعل ثقافتهم ضيقة محصورة على الأكاديمات التي يتلقونها من المناهج الدراسية وثقافتهم الخارجية مأخوذة من الفضائيات. ففى السودان نفتقد لهذه المؤسسة التربوية الاجتماعية، حيث أن فقدها أفقد طلابنا كثيراً من المهارات الثقافية والاجتماعية، بل أثرت ثقافة الفضائيات على حياتهم وتصرفاتهم اليومية. فقدان المكتبات المدرسية أضعف من مستوى اللغات لدى الطلاب، وأيضاً أفقدهم المعلومات التاريخية عن الإسلام والحضارات السابقة، وعن تاريخ السودان وهذه المعلومات قد لا يجدونها في المناهج الدراسية. ونجدها في الأشكال الأدبية، كالقصص وغيرها التي هي مصدر من مصادر المعلومات في المكتبات المدرسية. ما لمسناه من دور كبير وأهمية للمكتبات المدرسية يدفعنا وبأسراع للبدء فى إنشاء المكتبات المدرسية، ولكن يبقى السؤال متى وأين وكيف نبدأ فى إنشاء المشروع الضخم؟ قد نجد بعض العقبات تواجههنا في البدء فى هذا المشروع، والتى منها المسائل المالية، ولكى نتجاوز هذه العقبة يمكن البدء بالمدارس النموذجية الكبرى، فضلاً عن انزال حصة المكتبة والزام الطالب باحضار كتاب في هذه الحصة وقراءته، وتلخيص ما قرأه لغرس ثقافة القراءة لدى الطالب منذ الصغر. قبل البدء في إنشاء المكتبات المدرسية لابد من وضع تشريعات ولوائح تنظم عمل المكتبات المدرسية بالسودان، وأن يكون هناك إشراف إداري محدد يشرف على المكتبات المدرسية يتبع لوزارة التعليم ليتولى عملية التخطيط والمتابعة لقيام المكتبات المدرسية على أسس علمية وعالمية. يتطلب قيام مكتبات مدرسية تعيين خريجى المكتبات والمعلومات، للعمل كمتفرغيين فى المدارس فى مختلف مراحلها.. يمكن الاستفادة من المكتبات المدرسية العربية من حيث الشكل والمصادر فضلاً عن السعي لتزويد مكتباتنا بما هو فائض من تلك المكتبات العربية. ما نشاهده اليوم في الدول المتقدمة من تقدم في العلوم والتكنلوجيا ليس إلا نتاجاً لتوفر المعلومات من خلال مؤسسات المعلومات، والتي منها المكتبات، حيث توفر جميع انواع المكتبات والاهتمام بها بدءاً بالمكتبات المدرسية ومروراً بالمكتبات الجامعية، والمكتبات المتخصصة، وانتهاء بالمكتبة الوطنية التي تحفظ الانتاج الفكري للدولة. عموماً نحن محاصرون ومستهدفون من تلك الدول الغربية، والحرب بيننا وبينهم ليست عن طريق الأسلحة النارية ولكن عن طريق المعلومات. على الدولة أن تهتم بمجال المكتبات والمعلومات، وتوفير جميع أنواعها لكى نبني جيلاً متعلماً مثقفاً قارئاً، قادراً على كسب هذه الحرب، لكي تكون دولتنا في المقدمة، ولا تتقدم إلا عن طريق العلم.