لسنا مع تعطيل صحيفة وكسر قلم، بل سنظل مثلما كنّا مع حرية الرأي والتعبير ومقارعة الحجة بالحجة. هكذا موقفنا وسيظل، وقد عبّر الاتّحاد العام للصحفيين السودانيين عن ذات الموقف في بيان شجاع أمّن فيه على ضرورة تلك القيم التي تُساعد الأمم على النهوض، وهذا قطعاً ما سوف نتمسك به مثلما نتمسك بمصالح الوطن العليا ومثلما ندعو ونعمل من أجل الانحياز إلى قضايا الوطن المصيرية. ولا نحسب أن يكون للقيادة السياسية والتنفيذية العليا في الدولة - ممثلة في السيّد رئيس الجمهورية - غير هذا الموقف.. وسرعان ما سجّل الرئيس موقفه من هذه القضية أمس عندما وجّه عقب لقائه بوزير الإعلام بمراعاة الحريات الصحفية وفقاً للقانون والدستور، مؤكداً في ذات الوقت حماية الدولة للحريات الصحفية وتعاون الدولة الرسمية ومؤسساتها وأجهزتها مع الصحف والأجهزة الإعلامية، ومدّها بالمعلومات الضرورية واللازمة حتى تتمكن من أداء واجبها. التقديرات التي أدّت إلى تعطيل صحيفة «الانتباهة» الغراء وتعليق صدورها إلى أجل غير مسمى جاءت على لسان وزير الإعلام الدكتور كمال عبيد إذ أرجع القرار إلى حرص الدولة ومنعها للتشويش الذي يمكن أن يؤثر على الرسالة الإعلامية، مستنداً على ركيزة أخرى هي تجاوز الصحيفة للدستور بإثارتها الكراهية والعنصرية والعصبية إلى جانب إساءتها لبعض رؤساء الدول. ونحن هنا لا ندافع عن موقف صحيفة «الانتباهة» بقدر ما ندافع من أجل مباديء الحريات، ونعي تماماً حساسية المرحلة التي تمر بها بلادنا وما تواجهه خلال أشهر قليلة من امتحان عسير إما أن يبقيها دولة واحدة قوية متماسكة أو يعصف بجزء عزيز منها إلى أودية المجهول. ظللنا ومنذ صدور هذه الصحيفة (آخر لحظة) نقود خطاً وحدوياً سنظل من المدافعين عنه إلى النهاية ولن نقبل بغير سودان واحد غير متجزيء، وهذا مثبت لنا في مجلس الصحافة والمطبوعات عندما تقدمنا بطلب لإصدار الصحيفة قبل أكثر من أربع سنوات، فقد كتبتُ - شخصياً - ذلك الطلب وحددت فيه سياسة الصحيفة المرتكزة على المهنية والموضوعية وأن تكون منبراً لكل أهل السودان، داعية للوحدة بين الشمال والجنوب والتمسّك بها لأنها خيار الجميع. اليوم ندعو الدولة وأجهزتها الرسمية إلى محاولة البحث عن حل لهذه الأزمة غير المتوقعة، والجلوس إلى كل الأطراف ذات الصلة والاحتكام إلى الدستور والمصلحة العامة، والنظر إلى النتائج المترتبة على تشريد المئات من العاملين في صحيفة أُغلقت ولا يعرف أحد متى تعاود الصدور. نعم.. ندعو الدولة ومؤسساتها وأجهزتها لأن تبحث عن حلول، وأملنا كبير في أن نجد مخرجاً من هذه الأزمة بتضافر الجهود من قبل المختصين في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات وداخل الاتحاد العام للصحفيين السودانيين والوزارة المختصة إضافة للقائمين بأمر إصدار صحيفة «الانتباهة»، وستظل دائرة الأمل واسعة لأن القرار كان هو «تعليق» للصدور ولم يكن تعطيلاً نهائياً أو مصادرة. والله من وراء القصد