أكتب اليك الآن والماء مقطوع عن بيتي(دور سبعة يوم) البيت عفن ونحن صدئنا، وملابسنا باتت قذرة، والعطش يتهدد حياتنا وحياة أولادنا، الذين تضجروا من رفع ماء الكارو الى الطوابق العليا يومياً، قالوا: كرهنا حياتنا، والكلام مع وعن هيئة المياه بات ممًجوجاً ويسبب الطمام.. تماماً كالكلام مع وعن الشركة التي تنقل النفايات المحتشدة أمام الأبواب ورائحتها تستقبل الضيوف، فضلاً عن الكلام مع وعن المحليات المسؤولة عن تصريف مياه الأمطار وتمهيد الطرق الداخلية. وبمناسبة الأمطار، أين هي حتى الآن ، نحن نستقبل أغسطس ورمضان، دون قطرة ماء لا من السماء ولا من الأرض؟ ما هذا الغضب؟ من سوف يحتمل رمضان اذا جاء في هذا الحر نفسه، وفي ظل غياب الماء ولو ليوم واحد، فما بالك إذا دخل الشهر الكريم يواكبه الارتفاع المرعب في أسعار السلع الغذائية ( خاصة اللحوم والسكر والزيت والدقيق).. السوق تحول الى حجيم حقيقي.. الحياة باتت سامة. الى متى العناد والتطنيش؟!. الناس لم تعد تصدق أحداً سواك يا البشير، رغم قولهم إن كلامك لصالحهم لا يجد طريقه الى النفاذ، لأن (الجماعة) ليسوا ملائكة يفعلون ما يؤمرون، وإنما كل فئة تجمعها المصلحة وتفعل ما يشير به أميرها الذي يحفظ لها مصالحها ويدافع عن افرادها، بطريقة علنية، وفي الحق والباطل ليظلوا مميزين عن باقي المسلمين الى الأبد، وهكذا باتت الدولة ثللاً ومراكز نفوذ عادت بنا الى ماضي الدويلات الأموية والعباسية، أترك تعلم كل هذا سيدي؟ أم تكذبه، أم يكذبه لك البعض فتصدقهم هم وتكذب عينك وقلبك؟ سيدي الرئيس لا تسأل مستشاريك عن حال المواطنين اليوم، سلهم عن أساليب إدارة الدولة والمراوغات وفنياتها واستعرض رؤاهم وتوصياتهم حول الحال والمآل، وأما حال المواطن فهي مسؤوليتك الشخصية امام الله عز وجل، فأسر بنفسك ليلاً الى بيوت الشعب في الأحياء القصوى، واسأل عن حالهم مع ست معطيات لا أكثر: حالهم مع الماء، والغذاء، والدواء، والمدارس، والكهرباء.. وأخيراً وفوق ذلك مع مقدار الدخل الذي يجابهون به ما سبق، افعل ذلك قبل رمضان اكراماً لرمضان ولولايتك. بعد ذلك زر مستشاريك ووزرائك وقيادات حزبك في بيوتهم بغتة، تفقد بطريقتك حالهم في هذه الستة وجوه، وبعدها تذكر يوم مثولك بين يدي الواحد الأحد وسؤاله اياك، لم رضيت هذا يا عبدي البشير، وانت تعلم أن الله لا يرضاه لعباده الصالحين؟ أولو فعلها غيركم ايها الاسلاميون؟. السيد الرئيس .. اني لأشهد لك بانك رجل صالح وطيب القلب، وانك تحب الله وتحب المساكين الذين نشأت واحداً منهم، فلماذا تتركهم الآن ليزري بهم ذوو المال والسلطان والنفوذ والترف الأموي والظلم السياسي؟. إذا فعلت ما ادعوك اليه فلا اتوقع قط أن يكون الماء مقطوعاً عن بيوت هؤلاء السادة لمدة تزيد على الاسبوع دون أمل، نعم دون أمل، فنحن في حي من الدرجة أولى (جبرة 13 ) ولا نعلم متى سيأتينا الماء- قذراً- بعد هذا الاسبوع الناشف بسبب محطة بحري المعطلة! ، لا تسأل أحداً، ولا تستصحب معك أحداً يهون عليك معاناة البسطاء، أو يحاول تبرير العذاب اليومي، لأن هؤلاء المهونون لا يعانون وهم سوف لن ينفعوك أو يصحبوك يوم يفر المرء من أخيه ... لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه . فحسبك وحسبنا الله ونعم الوكيل . لقد بلغ السيل الزبى، وكما قال رئيس التحرير، إن ما تسمعه على ألسنة قادة الحكومة من تطمينات ووعود وقراءات تحليلية وأرقام قاطعة بالخير والعدل إنما هي في جهة، وما يعيشه المواطن من شظف هو في جهة أخرى. وأكاد أكون متأكداً من أن الماء ليس مقطوعاً الآن عن بيوت هؤلاء الأمراء أبناء الفقراء، وإنما هو مقطوع فقط عن بيوت أهلهم الذين لم يعودوا أهلهم، لأن أهلهم هم شركاؤهم في المصلحة والحزب. والله اني لأخشى على منسوبي الحزب الحاكم أن يكونوا قد استبدلوا أخوة المسلم للمسلم في الله بأخوة الحزب، وإن المخلص للحزب عندهم أولى بالولاية والمحبة من المخلص لله وحده دون الحزب، اتخذوا دينهم شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون، وما يدفعني الى قول ذلك ألا تكاتفهم وتكافلهم في مناسباتهم الاجتماعية على نحو ملحوظ! ، بينما اذا استصرختهم أمة كبرى من المسلمين ما هبوا اليهم بالغوث والنجدة بل يطلبون حينها سلوك الطرق الرسمية المختصة حتى تكون النتيجة صفراً كافياً! . أليس هذا هو الحال المائل بعينه؟ أليس هذا التمييز الذي أهلك الذين من قبلهم؟ واسمح لي سيدي بأن أسألهم مباشرة أمام سمعك وبصرك لتعرف ونعرف: لماذا تبغضون الحركات المتمردة مثلاً كل هذا البغض.. وتشمئزون من مطالبها وشروطها وتعلنون الاستعداد لقتالها في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، هل لأنهم يدعون الى فرض ثقافة غير الثقافة الاسلامية التي تتمثلونها في نمط حياتكم وزهدكم في زينتها الفانية، وتعيشونها يومياً في نصرتكم للمساكي، وأخذكم بأيديهم الى الحياة الكريمة وفي تواضعكم وعدلكم الاجتماعي، أم في الحقيقة لأنهم يستهدفون إجباركم على مقاسمتهم السلطة والثروة، أو أن تكون حالكم كحال بقية المسلمين، علت أو سفلت؟. وثانياً هل تعتقدون انكم لو طبقتم الاسلام على أنفسكم وبيوتكم فسيجد أحد طريقاً اليكم أو يصيبكم بسوء؟ . كلا والله، لينصرن الله من ينصره، وأن كل هذه التمردات التي ننكرها بالحق إنما هي حرب الله على امراء بني امية الجدد الذين اتخذوها ملكاً عضوضاً، يدافعون عنه باسم الدين وباسم العنصر لأنهم شعب الله المختار. السيد الرئيس أنت رجل صادق وأمين وشجاع، وسوف لن تستطيع أن تعدل الحال بواسطة المستفيدين منه مهما اخلصوا، هذا هو منطق الأشياء، وبالتالي فليس أمامك سوى الانقلاب العسكري وتسليم السلطة الى الشعب ليختار هذا المؤتمر الوطني نفسه، أو من يشاء غيره ولكن بحرية ومساواة ونزاهة تامة. بشرط أن تقدم أنت استقالتك من الحزب وتقوم بواجبك التاريخي بحرية وبطولة تليق بك وبالجيش.