أخي الحبيب: الآن فقط أدرك كيف يرتحيل الطل والإصباح، وتغيب عن عيني معالم سكة (الوصل القريب..) إلى البعيد..!. الآن أدرك معنى العناء المر.. والألم الرهيب! آه (من فراق).. ومن وداع.. (حافل بالموت..). يا أخي الحبيب!: مال هذه الذكريات الحلوة... تحدوني وتمنعني التصبر... والتدبر... والخشوع.. مال الجفاف أحالني قفراً يباباً وأخرس في فجاج الموت ألسنة التحدث... والتأمل.. والنحيب.. أخي سعود: أين الوعود.. بل أين أين بهجة الأيام ذياك البريق... وأين الذكاء المشع والنبوغ الساكن في عينيك؟ وأين مساحة القلب الكبير والتسامح والصفاء... أين الوفاء. لم تركتني أعاني غربة الأيام كالداء الوبيل... فأنت الأب والأخ والصديق.. أنت الرفيق... جاءني خبر ارتحالك.. وأنا أناهض (زفرة الأيام) فما عاد الشهيق!. هل نلبس الأزهار أثواب الحداد على شبابك الغض النضير! أم نذرف الدمع السكوب.. على ثرى قبر موحش الجنبات.. يحمل طياته (الحلم الكبير) لم تكمل الآمال... بعد أن وقعت على ميثاق الرحيل.. غير آبه بحاجتنا اليك.. ذهبت بلا استئذان.. وماتركت سوى الدمع الهميل.. آه يا بن أم كيف لي أن أرثيك وأن ابيكك.. وكلي جراح ومدادي نواح... على ملامحك الوضيئة.. المشرقة كالصباح. وما خاب ظني فيك يوماً، الا حين نعاك الناعي بأنك قد مضيت.. حينها فقط أنكسرت وانثنيت.. بلغ الأحباب عني.. الدعاء.. والسلام .. ياطيب القلب... هيهات أن يعود العطر والألق الموشى مهما بكيت.