المغالاة في كل شيء تتبعها النتائج العكسية السالبة، فما زاد شيء إلا نقص.. وما وصل منتهاه إلا رجع لمبتداه، تلك هي نواميس الكون،، منذ أن خلق الله آدم من الطين، وحتى اكتمال رزقه وتمام حياته يعود مرة أخرى الى الطين والتراب، فمنه خرج واليه سيعود..! والإسلام دين الوسطية بعيداً عن القبلية والجهوية والعصبية العمياء، فالإنسان بطبعه يميل الى التعصب القبلي والعرقي، ولا يرى أفضل من قبيلته وصفاتها لدرجة أن بعض القبائل ترفض زواج بناتها من بعض الأجناس والقبائل الأخرى، لإحساسها نحوها (بالدونية) تشعلها النعرة العصبية، على الرغم من أن الدين أوضح أن تفاضل الناس بالتقوى، وأكرمكم عند الله أتقاكم .. ومن العصبية القبلية الى العصبية الرياضية، وتلك لعمري أشد الأنواع المفضية الى الإساءة والتجريح، وكم من مشجع لفريق رياضي مات من شدة الفرح أو الحزن، مغالاة وتطرفاً وتعصباً حتى الموت! أما التعصب الديني فقد بلغ في كثير من الأحيان درجة التطرف والتكفير والقتل، وما قضية الخليفي في مسجد أنصار السنة، أو الشيخ أبوزيد ببعيدة عن الأذهان، والتي راح ضحيتها مئات لا يعنيهم في ذلك المسجد سوى أداء الصلوات المفروضة، أو ربما لقرب المسجد من أماكن سكنهم، وأغلبهم غير منتمين لجماعة أو فئة دينية بل كانوا من عامة الناس البسطاء!! وحتى الحب فإن المغالاة فيه ورفع سقف التوقعات وازدياد الاعتقاد بأن هذا الحبيب لا ينتمي للبشر بل هو أكبر من الملائكة حتماً سيؤدي ذلك لزيادة الصدمة بعد طول المعاشرة والمعايشة (فلكل إنسان عيوبه وحسناته).. أما حب الصغار والتعصب الى أحد الأبناء دون الآخرين، فإن ذلك لا يزيد الصغير إلا دلالاً وفساداً، ويزيد الآخرين حنقاً وأحقاداً.. كم من مدير أو مسؤول تعصب لأبناء قبيلته فملأ سوح المكاتب بهم (دون أن يكونوا أهلاً لذلك)، خوفاً من نبش الأهل بأنه متكبر ويرفض مساعدتهم، أصحيح أن الأقربين أولى بالمعروف، لأن فيها تقوية لأواصر الرحم، ولكن في حدود الوسط والمعقول بلا أدنى تعصب..! وما الحروب التي نعيشها- نحن وآخرون- والتي تفت من عضد البلاد وتقصم عرى الترابط، وتوهن النسيج الاجتماعي، الذي يحتاج في لم شمله لأكثر من لون حتى يشرق بكافة الألوان بلا أدنى غبن أو إحساس بالتهميش، إلا بسبب التعصب الأعمى للنهج وصم الآذان عن سماع الآخرين. زاوية أخيرة: أحضر أحد المتعصبين لفريق الهلال ثوباً لزوجته باللونين الأزرق والأبيض فسألها عن رأيها فيه فقالت معجبة (زي العجب) قال ليها طلقانة..!!