منطقة المحمية شرقاً وغرباً غنيةٌ عن التعريف ، لا باس أن نذكر موجزاً من ملامحها العامة فهي تشغل الجزء الجنوبي من محلية الدامر وقد حباها المولى سبحانه وتعالى بأراض واسعةٍ سهول ووديان وجزر وجروف خصيبة شطرها النيل المبارك الي نصفين توأمين شرقه وغربه .. وتشمل المحمية شرق قرى الكتواب والحتانة والمطمر والعوضاب والقلعة والمكابراية وسقادي شرق والمحطة وابومريخ وتبورة وفيها محطة المحمية الشهيرة التي كانت محطة رئيسية إبان العهد الذهبي للسكة حديد ، تزود المسافرين بالفواكه والغذاء والمشغولات الشعبية .. أما المحمية غرب فهي تشمل قرى الكمير وسقادي غرب وحمودات والنوبة والفادنية والعوضلاب والبقاقير والجابراب والكتياب والحرة والشويرب والعقيدة ، وهي مناطق الإنتاج الزراعي الكبير .. تاريخ المحمية قديم جداً منذ العهد المروي والدليل على ذلك أن بعض قراها ما زالت محتفظة باسمائها المروية مثل سقادي وتبورة كما توجد مقابر وأبار من ذلك العهد، ويقال والله أعلم إنها سميت بهذا الاسم لأن الجبال تحميها من أطرافها شرقاً وغرباً ، وقيل أن رجلاً من الصالحين دعا لها بالبركة والحماية من الشرور والفتن، وقيل قامت فيها ثورة الشريف المحتار ايان الإستعمار الإنجليزي ولعل خير من يفسر لنا أسباب الاسم هو العلامة البروفسير يوسف فضل حسن إبن المحمية المفخرة ، ويعتز أهل المحمية إن أول مسجد أسس في السودان كان بها و هو مسجد الشيخ الشريف حمد أب دنانة بسقادي غرب، وهذا إذا اعتبرنا مسجد دنقلا كان كنسية وحول الى مسجد وبهذه المناسبة يجب أن نذكر أن الدكتور قطبي المهدي وآخرين أعادوا بناءه واضافوا مؤسسات ملحقة به وكل ذلك تم بحمد الله بصورة عصرية ورائعة تليق بتاريخ المؤسس والمنطقة عامة ، فنسأل الله عز وجل أن يجزيهم جميعاً خير الجزاء ويجعل هذا العمل الجليل في موازين حسناتهم ، وتوجد خلاوي قراءنية عريقة على إمتداد المنطقة يفد إليها الطلاب من داخل البلاد وخارجها وهي أشهر من أن تُذكر .. وننظر الي واقعها اليوم علي خلفية هذا الأرث الحضاري الضارب في أعماق التاريخ ولا نملك الا أن نعجب عند مقارنة الأمس باليوم ويكفي أن هذه القري غير مخططة ما خلا الجابراب والكتياب ، وجميعها تعاني من تردي مريع في الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الشرب والبيئة وإنعدام البنيات التحتية وتدهور في الزراعة ، ولا ننكر بعض الإشراقات هنا وهناك قام بها الأبرار عبر جمعياتهم الخيرية أو بصورة فردية كما لا ننكر الأثر الإيجابي الكبير الذي أحدثه طريق التحدي وأعتقد أن هناك بعض المشاريع إن وجدت طريقها للتنفيذ ستكون بلا شك أساساً متيناً لنهضة وتطوير المنطقة وزيادة الإنتاج الزراعي والقضاء على الفقر و معاناة المواطنين وغير ذلك من الفوائد التي تعود على المنطقة وبالتالي على السودان كله ، وأود أن أذكر بعضاً منها وأرى انه يشكل أمراً حيوياً وضرورياً للمواطنين والمنطقة خاصة أن مثل هذه المشاريع قد عمت أرجاء البلاد فلماذا يُحرم منها أهل المحمية ..؟وهم الذين قدموا للسودان ما يستحق من الشهداء والعلماء والأدباء والفنانين وأهل التعليم والصحافة والسياسة وغيرهم كثير لا نعلمهم و الله يعلمهم .. والآن إليكم عرضاً مختصراً لهذه المشاريع: طريق النيل الغربي : هذا الطريق أدركت الحكومة أهميته وبدأ العمل فيه شمال الولاية وجنوبها وتوقف عند وسطها وقد بًح الصوت لاكماله.. جسر المحمية الجابراب : كانت المراكب الشراعية بأحجامها المختلفة هي الوسيلة الوحيدة للتواصل بين ضفتي النهر وكانت تحمل البضائع والناس الى أبي حمد شمالاً والى سنجة جنوباً ، كان هذا أوائل الستينيات ثم أتت مرحلة المعدية في عهد عبود ولا ينسى الناس فوائدها ومنافعها ولكن دوام الحال من المحال كما يقولون فقد كثرت أعطالها وتوقفها الأيام والليالي وأحياناً الشهور وعندئذ فان التعب والرهق يمضي فوق حدود الوصف وحتي عندما تعمل فان إزدحام الناس والسيارات والدواب يكون رهقاً ملازماً طوال العام شانها شان معدية شندي المتمة الذي عاني أهلوها قبل أن يمن الله عليهم بوصل الضفتين بجسر البشير ونسال الله أن يجزي صبرنا كما صبرهم بانشاء هذا الجسر الاستراتيجي للمنطة والبلاد عامة، إذ إنها كما ذكرنا من قبل مناطق الإنتاج الزراعي الوافر .. الشارع الرابط بين النيل وطريق التحدي يتعين رصفه في وقت قياسي سيما وانه لا يتجاوز الثلاثة كيلومترات طولاً ، ومع ذلك فهو كثير المنحنيات والطبوغرافيا الحجرية القاسية ويمكن تسميته باسم الشهيد عبد السلام سليمان سعد ابن المحمية البار تقديراً وعرفاناً لما قدمه لوطنه ودينه وأمته تقبله الله تعالى. المنظمة الأهلية لتنمية المحمية : لا شك إن الحكومة الولائية والاتحادية ملزمة بدور كبير في تنمية وتطوير المحمية بيد انه من باب أولى أن تكون لأبناء المنطقة كلمة أكبر فقد آن الاوان لأبناء المحمية بشطريها الشرقي والغربي داخل البلاد وخارجها أن يضاعفوا الجهد والعمل الجاد لتقدمها ورفعتها ، وذلك عبر تجميع صفوفهم في كيان عريض يوحد الكلمة لتحقيق الغايات المنشودة ، و الوفاء للمحمية بما هو مستحق علينا وللأوطان في دم كل حرٍ يدٌ سلفت ودين مستحق. المحمية غرب - الجابراب