في مقدمة هذه الخلاصة أرجو أن أتقدم بالأصالة عن نفسي وإنابة عن ضباط الدفعة 35 خاصة وضباط الشرطة بصفة عامة بالتهنئة للرجل الصبور الأخ اللواء شرطة (م) طيار صالح ميرغني عبد الرحيم، ولحرمه الصابرة السيدة منال، ولابنتهم الشجاعة صاحبة الإرادة القوية الآنسة ريم على عودتهم من الأردن بالسلامة، فقد أصيبت ابنتهما ريم في حادث حركة قبل حوالي الستة أشهر، وظلت في حالة غيبوبة تتأرجح بين الموت والحياة لأكثر من ثلاثة أشهر، لولا أن الله جل وعلا بكريم عنايته قد قيض لهم طاقم العناية المكثفة بجناح الفريق شرطة عبد الله حسن سالم بمستشفى الشرطة، الذي ما توانى في بذل كل جهده لإنقاذ ريم، وقد كان الخوف كل الخوف أن تتحول ابنتهم ريم الى (شتلة) حية تعيش على السوائل بلا احساس أو شعور، غير أن إرادة ريم وصبر والديها قد أعاداها الى الحياة من جديد، وقد دبت الحركة في أوصالها، وهي الآن في مرحلة العلاج الطبيعي وسط فرحة الأهل والأصدقاء بعودة ريم للحياة مرة أخرى، فلله الشكر من قبل ومن بعد. من طرائف الشرطة التي حكاها لي الشرطي القح سعادة اللواء البطل خضر المبارك أنهم عندما كانوا ضباطاً برتبة الملازم بشرطة الاحتياطي المركزي كان قد تم اجراء ضرب نار شمل كل ضباط الشرطة، وكانت التمارين قد جرت بدروة جبل الأولياء، وكانت الوجبات تأتيهم من فندق السودان في صناديق كرتونية بيضاء أشبه بصناديق أحذية (باتا)، وأول يوم استلمت فيه الوجبة سأل الملازم الزبير محمد حسن الزبير المشهور (بالزبير الخطر الوقف القطر) النقيب جاد السيد مزمل جاد السيد مسؤول التموين عندما سلمه وجبته قائلاً: (عرفتو مقاسي كيف يا سيادتك؟) في يناير من عام 1978 تم الاحتفال بعيد الاستقلال المجيد بمدينة دنقلا، وقد حضره الرئيس الأسبق جعفر نميري وبرفقته سياد بري رئيس الصومال وقتها، وفي ليلة الاحتفال ألقى الحكمدار (مقدم حالياً) حيدر أبوزيد قصيدة طويلة، وكانت من طولها إن احتاج السيد الحكمدار الى الصاق عدد من أوراق الفلسكاب مع بعضها البعض، الى حد أن أولها كان أمام وجهه وآخرها قد تأرجح فوق قدميه، وفي صباح اليوم التالي زار الرئيس نميري رئاسة شرطة دنقلا، وبعد أن تلقى تحية قرقول الشرف، قام بمصافحة الضباط الذين اصطفوا لتحيته، وعندما سلم على الحمدار حيدر حياه بقوله (ازيك يا صاحب المعلقة!!). ذهبت برفقة الأخ العزيز اللواء شرطة(م) طيار عمر رجب الى جامعة الرباط لقضاء أمر هناك، وأثناء تجوالنا عدنا بذاكرتنا الى أيامنا بكلية الشرطة التي تحولت الى جامعة الرباط هنا كانت النقعة.. (ميدان الطابور) وهنا كانت المعامل الجنائية، وهناك كان مخزن السلاح، وهنا كان المسرح بجوار ميدان الباسكت،، حيث يجري التمام، وضحك اللواء عمر ضحكته المميزة عندما تذكر قول واحد من التعلمجية البلتون الرابع الذي كان فيه الطالب عمر رجب، إذ قال لهم: (خلي بالك يا طالب.. الكلالي في السودان ثلاثة كلالي ..الكلية الحربية، وكلية الشرطة، وكلية الطب، انتو قايلين الطب ده حاجة صعبة، الطب كله كتابين بس كتاب المرض وكتاب الدوا.. لكن الكلام الصعب عندنا هنا!!)، وما كأن ذلك التعلمجي يعلم بأن مباني كلية الشرطة ستتحول الى مباني جامعة، وفيها كلية طب كمان!! كان واحد من ضباط الشرطة برتبة العميد يقوم بنفسه بمتابعة عمله، حيث كان كثير الحركة، ودائماً ما يشاهد وهو مساسق في الممر بين مكاتب الشؤون الإدارية والشؤون القانونية، وذات يوم بينما كان سيادته على تلك الحالة، قال اللواء عبد اللطيف محمد عباس لمن معه: يا خوانا العميد ده ما تشوفوا ليه ركشة بدل الشلهتة الهو فيها دي). كان العميد شرطة عوض فضل المولى- عليه رحمة الله- والذي كان مشهوراً(بعوض برامين) كان رجلاً يحب النكتة، وكان صاحب ضحكة داوية مجلجلة، تسمع الى حد أن السيد العميد عبد اللطيف علي ابراهيم، وقد وجه الضباط في أحد الاجتماعات بضرورة الضحك بصوت منخفض، وذات مرة حكى واحد من الضباط عن موقف طريف مضحك، فقام النقيب عوض بارسال أحد الملازمين وهو يغالب الضحك(أمشي شوف المدير قاعد في مكتبو؟) فذهب الملازم وعاد بسرعة وقال له (مافي يا سيادتك وقه..قه..قه أطلق النقيب عوض ضحكته المجلجلة.) كنت مع الملازم أحمد الزبير جاه الله بميدان تدريب المستجدين بشرطة الاحتياطي المركزي، عندما التقينا بأحد التعلمجية الذي كان عائداً من إجازة طويلة، كان قد تزوج فيها فسألته(أها ما بقيتوا تلاتة؟) فأجابني:(لسة يا سيادتك لكن شخالين فيها) فضحك الملازم أحمد الزبير وقال له مداعباً.. شغالين فيها؟ أصلو بتبنوا ليكم في عمارة!!. كما بدأنا هذه الحلقة بذكر الأردن نختمها بالأردن أيضاً، فقد ذهب اليها مستشفياً الرجل النكتة الفريق محمد أحمد بحر بعد اصابته بوعكة خفيفة في(القليب الراسمو حنة ومليان محنة) لكل من عرفه، وهناك سأله الطبيب المعالج آخر مرة عملت فيها رسم قلب متين قبل الأزمة الأخيرة؟ فقال له بحر: والله آخر مرة عملت فيها رسم قلب لما دخلت الكلية سنة 74 فسأله الطبيب مندهشاً ليه انتو ماعندكم كشف دوري علي الضباط في الشرطة السودانية، فضحك الفريق بحر وقال له: والله نحن الكشف الدوري الوحيد عندنا في شرطة السودان(بعملوهو ناس المرور للعربات وكت الترخيص السنوي)!!.