دائما أقول إن هناك مداداً يفرض احساسه وهيبته على الورق... دائماً أحس أن هناك إبداعاً للابداع.. وعشقاً خفياً.. ولهفة الى حيث اللانهاية.. يبدو أن الشعور رغماً عن الضوء باللون الرمادي حالة حب... أو حالة خصوص.. ولكن في الأغلب هي حالة للنسيان.. جاءتني كلمات جميلات راقيات.. لا تأتي إلا من قلب مبدع.... وروح شفافة... شكراً جميلاً لرجل النور... كانت مدينة الأرض البعيدة تضج بأصوات العابرين صوت بلاد النور.. ولكني كنت باخعاً رجليّ على وصيد النسيان المر.. فمدينتي على أتون الغيب مدفأة لبرد قادم، كالرمح يشتك الضلوع.. كنت دائماً ادخرها لأزمنة الأفول الآتي تواً من دياجر الأمل المبعثر، في ردهاتي على امتداد العمر.. أحلاماً وأنغاماً وأياماً لأُنثي سوف التقيها على كرنفالات الفرح ومنصات التتويج.. مهلاً سيدتي: فقد قادني بريق الكلمة إلى بلاد لا أدرك كنهها، ومحطات استوقفت الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم فتاه المعني عمداً، وانبلج المضمون عن قصة مازالت تروى.. أود أولاً أن أشيد بك وحتماً لست بأول المشيدين.. وانتقيك قلماً ووجهاً ضد خاصرة الأحزان التي لا تزال تنبش الروح، بحثاً عن بقايا فرح قديم.. أما بعد: أنا عثمان صديق شاب ربيعي القسمات، وضاح الفكرة والنبرات، واثق الخطى نحو الغايات، تبين على وجهي ابتسامة غابرة على مدى العصور والأزمان.. أنا نشأت في بيئة ريفية، تواقة هي الى زمان الصحو الشفيف.. جاءت صرخة البدء ومراسم التكوين الأولى في معقل الرجولة ودياجر الكرم الحاتمي الأصيل.. (المتمة).. التي استحى حتى نهر النيل أن يزورها فرداً، فأباحت له الخرطوم, بعقد (القِران) كنيلين في واحد عندكم, عندكم حيث إلتقاء النفوس، ومهبط السكينة.. واشتهاء المكوث على حوائط الأزمنة الخضر، اتانا نهر كريم مفضال وشهم تخشى غضبته (جناين الباوقة) وتستحي منه ارخبيلات الجزر الفسفورية هناك، في واحة المرخيات، ومرتفعات الجبل الأبيض.. وحضارات البجراوية وموطن الفرعون الأكبر الذي مني بهزيمة نكراء على يد أحفاد ملوك النيل..عزيزتي عندما يولد الفرح تصرخ الأحزان، وتهرب مسرعة إلى شواطئ المجهول.. ونلتقي في كنف البحار الدافئة، حيث الزخم الإبداعي يتشكل دوماً من قلوب المنتقين مثلك..الآن فقط.. يرحل آخر تابعي اللون الرمادي.. ويأتي على الناس زمان جديد.. فجر منمق بأريج الدهشة، ومعطر بالنيروز والورد والياسمين، وملون بالفيروز والارجوان والبنفسج، أنا أعرفه، وأعرف أننا في توق إليه.. طالما هناك ثمة نور يبرق في عتمات الليالي الحالكات، إذا ما أغمضنا أعيننا الآن سوف نراه، في عيون الأطفال سوف نراه..آن الآوان كي يزهر (النوار).. آن الآوان كي تشرق الشمس العذراء من براثن الماضي واتون الحاضر، وملاذات المستقبل القريب..دمتم ذخراً لقرائكم الصفوة وأحسبني منهم. عثمان صديق (رجل من زمان آخر جاء ليغرس الافراح).