الحمد لله الذي خلع على أوليائه خلع إنعامه فهم بذلك له حامدون، واختصهم بمحبته وأقامهم في خدمته، فهم على صلاتهم يحافظون وعن اللغو معرضون، ودعاهم إلى حضرته، وأظهر فيهم مراتبهم فهم السادات والسلاطين والأمراء، فالسابقون السابقون أولئك المقربون، وفتح لهم أبواب حضرته، ورفع عن قلوبهم حجاب بعده، فهم بين يديه متأدبون، ولاطفهم بوده وأمنهم من إعراضه وصده، (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، ونور بصائرهم بفضله، وطهر سرائرهم وأطلعهم على السر المصون، فكانوا عينه التي يبصرون بها، وكذا سمعه ويده فهم مكرمون، وإذا مر عليهم قوم من الزنادقة والمجانين تراهم ينظرون إليهم وهم صم بكم عمي فهم لا يبصرون، فلذلك هم المنكرون لكراماتهم، المنقصون لمقاماتهم، الثالبون لأعراضهم، المعترضون لأحوالهم، الخائضون بجهلهم في مقالهم، المستهزئون بهم (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون)، سبحان من جعل أولياءه المقربين نجوماً في سمائه، وأهل الأرض بهم يقتدون، ومن أنكرهم هم المبعدون، سبحان من أوعدهم بجناته هم فيها منعمون، والمنكرون لهم في نار الطرد والبعد معذبون، (جزاءً وفاقاً) (ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون). من هؤلاء الأولياء الصالحين، جدي وسيدي سلطان الأولياء، عتاق الرقاب، صاحب أول شهادة عالمية من عالم مصري مفتي المالكية بالأزهر، الشيخ علي الأجهوري، هو الشريف الخزرجي بأمه وأبيه نسباً، الأشعري عقيدةً، المالكي مذهباً، الواقد لنار القرآن، البادي بطريقة الجيلان، حامل لواء أهل الأعيان، صاحب الكرم والعلم، والزهد والورع، والحلم والصبر، صاحب الحكمة والمغيبات والكرامات، وقد ترجم له ود ضيف الله في كتابه الطبقات تحقيق د. يوسف فضل الطبعة الثالثة ص49 قائلاً في التعريف بشأنه: هو الشيخ إدريس محمد الأرباب الشيخ الإمام حجة الصوفية، مرشد السالكين، منقذ الهالكين، قطب العارفين، علم المهتدين، مظهر شمس المعارف بعد غروبها، الواصل إلى الله الموصل إليه، كان رضي الله عنه لا تتحدث معه في علم من العلوم إلا تحدث معك فيه، حتى يقول السامع له إنه لا يحسن غير هذا العلم، وإمام علوم المعارف والأسرار، فقطب دجاها وشمس ضحاها، تقول إذا سمعت كلامه أعرف بخبر السماء من خبر الأرض، وقال فيه سيدي الشيخ خوجلي أبو الجاز الشيخ إدريس أعرف بطرق السماء من طرق الأرض، كنت لا أسمعه يتحدث إلا في الاسم الأعظم، ودوائر الأولياء والملائكة المقربين عند العرش. هذا بعض ترجمته وللمزيد ارجع للمرجع السابق.. ومن الأولياء الصالحين، كذلك سيدي الجد الشيخ محمد المقابلي، صاحب المقام بالعيلفون، والذي ورث من جده الشيخ إدريس الصلاح والعلم والقرآن والاستقامة، ومد اللقيمة، وسمح الكليمة، والتوكل، ومن أشهر كتبه كتابه في التوكل، والذي حققه حفيده البروفيسور الشيخ الفاتح الحبر، عميد كلية أصول الدين بجامعة أم درمان الإسلامية وبالمؤلف ترجمة أوفى للجد. وبعد مقدمتي هذه فإني أقول مقامات الصالحين على اختلاف درجاتهم أحياء أو أموات، فمن اجتمع بهم أو سمع بهم أو قرأ، عنهم اهتدى فإن الاجتماع لا يقدح في محبتهم عند أهل الهداية والاجتباء والصفاء، ومن أراد الله به خيراً، فإننا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعين والأئمة المجتهدين، ورافعي راية الإسلام، ولم نرهم كلهم، ولا عاصرناهم، وقد انتفعنا بأقوالهم، واقتدينا بأفعالهم،(هذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)، وأما من لم يحصل له نفع ولا اقتداء وأنكر واستدبر فهو والأموات سواء، وذلك أن سبب الإنكار والاستدبار هو لعلى ذوق مقامات الصالحين، على غالب عقول المنكرين، ولأن أصحاب المقامات وقربهم لله واصطفائه لهم، فهم كالمعدن الخالص، لا تزيده النار إلا لمعاناً وبريقاً، ولأنهم كالجبل الأشم لا تهزهم نفخة الناموس والذباب، ولا تغير ثباتها، ولا تحرك سكناها، فلتعلم النفس المارقة أنه لا يحرق بالنار إلا رب النار، والقول له صلى الله عليه وسلم، وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض لها مقام سلطان الأولياء سيدي وجدي الشيخ إدريس للحرق بالنار، ففي المرة الأولى ألقت أجهزة الأمن القبض على الجاني، وصرح أنه كان مدفوعاً ممن يسمون بالوهابية (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) وقد سئل خليفة المقام الخليفة علي بن الخليفة بركات من قبل أجهزة الإعلام إن كان يتهم أحداً؟ ورد بكل أدب وذوق وبأخلاق التصوف، أنه لا يتهم أحداً، وإن كان يعلم من فعل ذلك، وقال هذا عمل أجهزة الأمن، وعليها أن تتحرى هي وتقبض الجناة، وأقول لعلهم في المرة السابقة لم يردعوا ولم يتعظوا، إذ زادوا فعلتهم أفعالاً، بأن قاموا أيضاً بحرق ضريح سيدي الجد العارف بالله الشيخ محمد المقابلي، مما يجعلني أجزم أنه فعل منظم، إذ قبل شهور قلائل قاموا بحرق مقام سيدي الشيخ حسوبة بسوبا، وهو تلميذ الجد العارف بالله الشيخ إدريس بن الأرباب، وقبلها أيضاً بشهور ليست بالكثيرة قاموا بحرق مقام العارف بالله الفكي هاشم شمال بحري، وقبلها بسنوات قاموا بحرق مقام العارف بالله الحاج يوسف، وأيضاً قاموا بحرق مقام العارف بالله الشيخ إسماعيل الولي بالأبيض، وقد تصدى لهم حاجب المقام فقتلوه ذبحاً بالسكين (فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ وتُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) كما قاموا بتكسير الرايات والشواهد بمقابر العيدج على ضفاف النيل الأزرق، وذلك في نفس يوم حرق مقامي الجدين بالعيلفون، فإذا الميت سئل بأي ذنب حرق فهل من مجيب؟ وتناسوا أن الديار بأهلها وأن الله ليس بغافل عما يعملون، أم ظن هؤلاء أنهم لله يتقربون، أم هم المسيطرون، وقد كرم الله بن آدم حياً بتمييزه على خلقه، وميتاً أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقبره حتى لا تأكله سباع الأرض، فكيف يعتدي الإنسان على حرمة الميت (إن الله لا يحب المعتدين)، علماً بأن سوء الظن في المسلم حياً أو ميتاً إثم، ومن منا يعبد غير الله الخالق ليقال عن المتصوفة أنهم يعبدون المخلوق، ومن زار ولياً في مقامه معتقداً أنه خالق أو أنه كعبة يطاف حولها، فهذا ينافي عقيدة المسلم التي مرجعيتها الكتاب والسنة، وخلاف ذلك فهو إيهام باطل، ومن كان هذا اعتقاده فإنه آثم قلبه ورد عليه (إن بعض الظن إثم) (ومن كان في الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً) . حدث الحادث المشين في ليلة الجمعة الغراء سحراً في السابع من شهر الله المحرم 1433ه الموافق 2/12/2011م، لم تراع فيه إلاً ولا ذمة، ولا حرمة الشهر الحرام، ولا حرمة الجمعة عيد المسلمين، فشهر محرم أحد الشهور الأربعة الحُرم، والتي قال الله فيهن (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) إلا أن الجناة أبوا إلا أن يظلموا أنفسهم ويؤثموا في الشهر الحرام على فعلتهم النكراء التي نخشى أن تسبب فتنة وربكة وزعزعة في أمن البلاد، ما لم تجتث من جذورها- كما قال الشيخ محمد بن سيدي الشيخ حسن الشيخ الفاتح- عند تفقده بصحبة وفد عالٍ من الطريقة السمانية الطيبية الحسنية، والمجلس الأعلى للتصوف لضريحي الجدين يتقدمهم الشيخ الدكتور/ خلف الله عمر مستنكرين لخليفتي أبينا الشيخ إدريس، وأبينا المقابلي هذا الفعل واعدين أن المجلس الأعلى للتصوف سيعمل جنباً لجنب مع منظمة أبينا الشيخ إدريس بن الأرباب الخيرية، لدرء الفتنة، وشكرهم الخليفة محمد والخليفة علي والخليفة عبد الله المقابلي علي تفقدهم واهتمامهم، وأيضاً شكروا خلفاء سيدي الشيخ مصطفى الفادني الذين كانوا حضوراً في ذلك اليوم، وجميع السادة المشايخ الذين زاروا المنطقة مستنكرين ومهتمين، كما شكروا أيضاً السيد معتمد شرق النيل السيد/ عمار لحضوره فوراً وبعد سماع الحدث، حيث صلى الجمعة بالعيلفون، وعبر عن أسفه العميق للحادث، ووعد بملاحقة أجهزة الأمن للجناة، وأقول لعل أجهزة الأمن بحسها الأمني تربط الحادثة السابقة بالحالية، وحوادث المقامات التي تعرضت لمثل هذا القبح من العمل مما يجعل الجناة تحت مجهر القبض، وحتى لا تشب النار بين الأحياء، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح، (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) وحتى لا يكون السودان عراقاً أو صومالاً آخرين، أعاذنا الله والمسلمين من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)، نسأل الله أن تكون هذه الفعلة الأخيرة لهم، لتعم أهل التصوف السكينة والاطمئنان، وأن يهنأوا بذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً) صدق الله العظيم.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله. üحفيد الشيخ إدريس بن الأرباب