خُلق الانسان ملولاً .. وأنا ميال الى التغيير .. فلأني (ولوف) ليس مثل المتنبي (لو رددت الى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا..) ولكن بقدر أن اتحد مع الناس والمكان اتحاداً قوياً .. فأعرف التفاصيل وتفاصيل التفاصيل .. حتى لا يعد مايدفع للاكتشاف .. أو لم تعد هناك دهشه .. كما إن الناس حين تصل الى مرحلة الاتحاد هذي (تكشفهم ) على حقيقتهم .. والناس جبلوا على حسن الظن بأنفسهم .. فيكذبون مع اعتقادهم بأنك ساذج تصدقهم .. وفي السودان يطولون البال للكذاب حتى ايصاله الى (خشم الباب) انا ليس لدي فائض من الوقت لا أفعل ذلك لا اقصد الكذب السائد في أن تحكي غير الحقيقة .. او لاتكون صادقاً في الحديث لكن ما اقصده الكذب على الذات .. في أن تعتقد بأن الناس يصدقون الانتفاخة بأنها صولة الاسد .. ندخل في موضوعنا «الاطلالة هنا» لم تكن سوى اشارة الى صديقي رئيس تحرير (اخر لحظه) .. فالتقطها وهيأ للحظة ان تنتصر .. وهاهو يتيح لي ممارسة متعة الاكتشاف من جديد ومعانقة الدهشه .. بالنسبه لصديقي صلاح عووضة تجبره المواقف على القفز من شجرة الى شجرة .. ومن صحيفه الى آخرى فالتغيير عنده جبري .. أما عندي فهو حالة وجودية .. حقيقة تعاني معي اسرتي لما كنت مستأجراً للمنازل فأنا كل بضع سنوات انتقل من دار الى دار .. وهي فرصه لأكتب عن الرحيل .. والرحيل عندي كائن حي .. منذ تهجير رهطي من وادي حلفا .. ربما ذلك الرحيل التاريخي شكل شاشة عقلي الباطن فأورثها الرحيل المتجدد على غرار «بيدي لا بيد عمرو» تحضرني دائماً اقصوصه لعل راويها هو المقيم في الوجدان سليمان عبدالجليل ذلك ان آخر قطار .. يحمل المهجرين في وادي حلفا .. وقبل اطلاق الصافرة الاخيرة .. طلبت امرأرة انتظارها لأمر هام واخذت تعدو نحو البيوت تجري بقوة .. حتى توارت عن الانظار .. وبعد حين عادت فسألوها : أين ذهبت ؟ قالت : نسيت ان أغلق باب البيت .. البيت الذي ستغمره المياه بعد سويعات .. ترى أكانت المرأة تغلق البيت .. أم تغلق التاريخ .. اغلقت ذكرياتها وحكاياها .. اغلقت كنوزها كلها .. ارأيتم لي أي حد يكون الرحيل فاجعة .. ويبقى الأمل على كل حال .. كل هذا ليس للتبرير .. لكن لافتتاح بداية الكتابة هنا في صحيفة آخر لحظة .. بماذا اعدكم سوى بأنني سأضرب الهم بالمرح .. لن آت بجديد حتماً .. فلو لم يكن الكلام يعاد لنفد .. حسبما ينسب للأمام علي .. أو هل غادر الشعراء من متردم كما هتف عنترة .. أو كما كتب جدنا القديم في العهد الفرعوني فيما قبل الميلاد .. « لم يترك الناس لنا شيئاً لنقوله !» ومع ذلك .. ومع ذلك ..