أخي مؤمن الغالي كل عام وأنتم والقراء بخير أم درمان تناديكم.. تستنجد بكم وبأولادها الأشاوش البررة.. لأن تاريخ المدينة الوطني.. وعزة وشموخ رجالها معرض للفوضى والدمار.. أرض الشهداء الأفذاذ الذين التحفوا السماء وتوسدوا الأرض.. وحملوا أكفانهم.. وأعدوا أسلحتهم وتوجهوا بالتهليل والتكبير في مواكب النصر الإسلامي لأمة شامخة حفاظاً على الهوية والعقيدة والتاريخ.. أم درمان مدينتنا بأزقتها وحواريها وعبق التاريخ فيها شعراً ونثراً.. فناً وأنشودة وأرجوزة.. ولوحاً وتقابة تتعرض الآن في أعظم بقعة فيها للفوضى والدمار.. أم درمان التي خططها الخليفة عبد الله التعايشي على النمط الإسلامي وحدد شوارعها لتلتقي في ساحة جامعها الذي يتوسط المدينة.. والذي بناه الخليفة عام 1887م.. وفي بنائه رواية وحكايات وصور لنسيج مجتمعي مناضل.. هذا الجامع الذي كانت تقام فيه الصلاة بأكثر من سبعين ألف مصلٍ يؤمهم في أغلب الأحيان حسب الروايات التاريخية جدي «ود التكينة».. هذا الجامع هو المدرسة والمحكمة والذي كان لصوت التلاوة فيه موسيقى جهادية بألسن متعددة.. هو القصة فكأنما الخليفة قصد أن تكون الشوارع فيه للتاريخ والذكرى.. ففي الغرب ما تحمل الكلمة.. وفي الشرق قصة وكفاح الإمام المهدي والجند والجهادية.. ومجدها شمالاً رافع العلم ورفاق دربه الأوفياء.. وجنوباً لثوار 1924.. هذا الجامع تاريخ وحكايات طوال العهود التي مرت عليه.. جنباته وصحنه الواسع يقص على صفحات التاريخ قصة الرجال وتحديهم.. وأنا يا مؤمن حزين مفجوع.. فكيف بالله تنتهك حرمة المساجد لأغراض عامة دون الرجوع إلى صوت الحكمة والعقل ونحن في دولة إسلامية وقلب العاصمة الوطنية قبلة للزوار ولعشاق التاريخ. فكيف بالله وافق المعتمد الجديد للمدينة الحرة.. على تخزين البصات الجديدة داخل صحن الجامع بعد أن تعدلت لها بوابات الدخول.. دلني يا مؤمن على دولة واحدة تمسح تاريخها من أجل المكاسب الذاتية.. فالأسواق التاريخية أضحت حمامات في قلب السوق.. والمول مسح تاريخ المدينة في سوق الشجرة بأم درمان.. والتعديات كثر والمجال ضيق.. أكتب يا مؤمن بقلم مغموس في محابر الحسرة والألم على هذا العبث بالتاريخ.. أكتب لكم بلغة العقل والعواطف والانتماء لمدينتنا.. أريد أن أسلط معكم أشعة الفكر إلى النفوس النائمة على وسائد النكران للشهداء الأبرار.. فقد آن لنا أن نكشف الحقائق.. فالظلام كما يقولون لا يغلب إلا بتقلب الأنوار.. ونحن نسلطها الآن فتاريخنا المنسي حتى في مناهجنا الدراسية من رياض الأطفال حتى الجامعة.. يحتاج إلى أهل الوجعة ومَنْ غير أبناء أم در..؟ صدرت لهذا المسجد العديد من الفتاوى أهمها من مجمع البحوث الإسلامية بمصر.. والتي حرمت تحويله إلى أي غرض ينافي الواقع.. وأخرى من لجنة الإفتاء بجامعة أم درمان الإسلامية بتاريخ 7/2/1980 وخلاصتها إيقاف أي عمل يمس قدسية المكان ومن يستخف بحرمات الله فهو كافر.. واللجنة كانت برئاسة الفقيه العلامة الشيخ مجذوب مدثر الحجاز رحمة الله عليه.. وحتى رئيس الجمهورية عند استقباله لوفد آل الخليفة بتاريخ 10 يوليو 1991م أعلن تكوين لجنة فنية لعمل دراسة كاملة ليؤدي الجامع رسالته. الجامع يا مؤمن تاريخ لدولة ولشعب ولنضال ولرجال تحدوا المدفع.. أطالب الأخ المعتمد بإيقاف العبث والفوضى وأن يصدر أوامره بعدم انتهاك حرمة المساجد.. ودعني والحديث يطول أن أعتذر للرجل القامة والشامة في خد السودان ومدينة الخليفة حامل الأختام والحافظ للتراث والتاريخ.. أستاذنا الجليل محمد داؤود الخليفة.. لأننا قصرنا في الدفاع عن مدينتنا فلا تحزن أيها الأمير.. فأولادكم أولاد أم در أقدر على حماية الإرث والتاريخ.. ولكم يا مؤمن الكلام.. أخوكم/ د. يحيى التكينة