لن تخلو موائد اليوم الجمعة من لحوم في معظم البيوت السودانية، تزيد أو تنقص على المائدة حسب نوع الطعام الذى تعده الأسر فى هذا اليوم والذى لن يخرج عن العصيدة والقراصة والفول مع طبق من لحوم الضأن لمن استطاع إليه سبيلاً. طبق اللحم لاتكتمل الضيافة - مهما كان مستواها - إلا به، وفى الولائم تعد معظم البيوت السودانية لحم الضأن محمَّراً ومشوياً من خلال صاجات ضخمة على الفحم. قرأت عن إعداد غير السودانيين للحم الضأن، فبالإضافة إلى الأطباق التقليدية من كباب ومشويات، فهناك من يعد أطباق لحم الضأن بالنعناع وبالفلفل الرومي وبصوص العنب وبالجبن، وهناك لحم الضأن مع التين.. ولكن هذه الأطباق لاتعد إلا بكميات ضئيلة من اللحم لايتجاوز الكيلوجرام وليس بالصاج أو حلل «القيزانات» كما نفعل ويلتهم الفرد الواحد مايتجاوز الكيلو ويزيد. السودانيون يأكلون ويفرطون فى اللحوم ولايأبهون بارتفاع أسعارها كما في هذه الأيام.. نعم اللحوم ولحم الضأن على وجه التحديد أطيب مذاقاً وأكثر فائدة، وهو مصدر حيوي لمجموعة من العناصر الغذائية.. فاحتواؤه على الفسفور يجعله ضرورياً لبناء العظام والأسنان.. والحديد الذى فيه يقوي كرويات الدم الحمراء، والفيتامينات التى يحملها تقي من أمراض فقر الدم، وهو أقل اللحوم نقلاً للأمراض والديدان.. إلا أن أكله بهذه الكميات فى المنازل والأسواق والمطاعم والشوايات له عواقب وخيمة فيما بعد، إذ كثرة تناول لحم الضأن ترفع حمض البول فى الدم وتسبب مرض النقرس والتهاب المفاصل والتصلب الشرياني.. كما أن خلو هذه اللحوم من الألياف يمكن أن يؤدي إلى الإمساك وعسر الهضم.. هذا فضلاً عن استهلاك غير مرشد وعادات غذائية تلقي بأعبائها على المستهلك وعلى ثروة البلاد هذه الأيام ومع الأجواء الخريفية الرطبة وقرب شهر رمضان التى تغري الكثيرين بالتردد على مناطق صاجات اللحوم فى إبادة واضحة ومنظمة لأعداد ضخمة من قطيع الضأن.. والخوف ليس من الإبادة الجماعية للخراف، ولكن من تزامن هذه الإبادة الجماعية مع التطهير العرقي الذى كثر بعد ارتفاع نسبة الصادر بفتح أسواق جديدة للضأن السوداني.. إذ لاحظ الكثيرون أن أماكن بيع اللحوم فى أنحاء العاصمة والولايات تعرض معظمها لحوم الإناث «النعاج»، وأن الخراف نادرة العرض، وأن هذه النعاج عليها خاتم السلطات البيطرية، مما يعنى أن الذبح يتم بعلم السلطات.. وحسب علمي أن ذبح الإناث يجرمه القانون خاصة تلك التى فى عمر الإنجاب . هذا بلاغ للسلطات بالتطهير العرقي لسلالة الضأن السوداني بذبح إناثه وتجفيف مصدر إنتاجه.. وسيأتي يوم قريب إن لم نتدبر الأمر ويضطر السودانيون لأكل لحم الضأن بالنعناع وستودع الصاجات المتاحف.