ظل المواطن السوداني يتألم ولسنوات عدة من الأوضاع التي يعيشها جراء الارتفاع الذي تشهده كل المنتجات، ولكن هذه المرة اجتاحت موجة الغلاء صحة المواطن نفسه، التي تمثلت في الدواء الذي قيل إن الدولة تدعمه، فطرأت عليه زيادات لا يصدقها عقل المواطن، فهل يرجع ذلك إلى سياسة الدولة الخاطئة في استيراد الدواء.. أما أن روح المواطن أصبحت لعبة في يد ذوي الاختصاص، التي استطلعتهم «آخر لحظة» فكانت البداية بأصحاب الصيدليات. أكدت د. وئام من داخل صيدلية الفارابي.. أن أسعار الأدوية مرتفعة جداً- على حسب الشركات- فمثلاً أدوية المضاد الحيوي تتفاوت أسعارها ما بين 62- 68 جنيهاً، وأدوية السكري تصل أسعارها34 جنيهاً بدلاً من20- وكذلك الفايتمينات التي تتراوح أسعارها ما بين 33-26 جنيهاً.. مشيرة إلى أن أدوية الغدة والالتهاب والحقن المسكن للألم «نولبين» معدومة تماماً.. مبينة أن هذا الارتفاع سببه الشركات التي تعمل على ارتفاع أسعار الدواء، وتعزي الأسباب لشح الدولار وعدم توفره الإستيراد. أما من داخل صيدلية عثمان دقنة أوضحت د. هند: بأن شركات الأدوية هي التي تعمل على الزيادة، وتوفر كميات محدودة في الأسواق، مؤكدة أن هناك زيادة كبيرة في أسعارها، وخاصة أدوية الضغط التي تتراوح أسعارها ما بين 66-77-80 جنيهاً.. بالإضافة لارتفاع أسعار المضادات الحيوية، وأدوية الحساسية والأزمة. أما صاحب صيدلية السعودي قال: إن الأسعار تأتي موضحة من الشركات على صندوق الدواء، مضيفاً بأنها تتحكم في الأسعار على مزاجها، ويقع العبء على المواطن البسيط، الذي لا يستطيع مجاراة أسعار الأدوية، بعد أن أرهقه المرض. أما أصحاب شركات الأجهزة والمعدات الطبية عزوا ارتفاع أسعار المستلزمات والأجهزة الطبية لارتباطها بمسألة الاستيراد والتصدير، وأكد صاحب شركة ابنوس «حسن جعفر» أن سياسة بنك السودان النقدية بالنسبة للاعتمادات، بجانب كتابة تعهد توفير النقد الأجنبي عند الاستحقاق، وهذا أدى إلى زيادة الأسعار، مشيراً إلى أن المبلغ المرصود في الميزانية أعطى الأولوية للأدوية المنقذة للحياة.. وقال إن الشركات منذ زمن لم تستورد أجهزة من أوربا، لأن معظم الدول الأوربية أو جميعها أوقفت التعامل مع السودان، وقامت بسحب توكيلاتها.. وأضاف: لا توجد لدينا بدائل غير الصين والدول الأخرى، ولكن منتج هذه الدول لا يجد القبول من المواطن، وأقر في ذات الوقت أن الأجهزة الصينية رغم أن أسعارها رخيصة، لكن مشاكلها كثيرة ولا تعيش طويلاً، فمثلاً جهاز قياس الحرارة الصيني درجة قياسه أقل، عكس الأجهزة الألمانية والانجليزية، وقال حسن إن الأزمة المالية الاقتصادية، وارتفاع أسعار الايجارات أيضاً لديها دور في ارتفاع الأسعار. من جانبه قال محمد الحبيب صاحب شركة أجهزة طبية: إن المسألة أخذت وضعاً أفضل وأصبحت الأجهزة متوفرة وفي متناول أيدي الجميع، ولكن أسعارها مرتفعة.. وعزا ذلك الارتفاع إلى ارتفاع سعر الدولار، والجمارك، والضرائب، والزكاة، بالإضافة إلى ضغوطات المعيشة والمحليات. أما شركات الأدوية أكدت أن هناك دواعي اقتصادية يترتب عليها التحكم في الأسعار، تتعلق بارتفاع تكلفة المنتج، مشيرين إلى أن التكلفة الخارجية ارتفعت نسبتها، وربما يمكن أن تأتي الأدوية بنفس السعر الذي تأتي به من الخارج، مضيفين بأن الدواء سلعة استراتيجية، تم رفع الدعم عنها لأوضاع سياسية، مطالبين بتوفير الأدوية المنقذة للحياة، ورفع الدعم عنها نسبياً، على أن يتم تعويض التكلفة في الأسعار، علماً بأن نسبة الارتفاع وصلت إلى 40% ، مشيرين إلى أن ارتفاع سعر الدولار أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار، رغم سعي الحكومة الجاد لتوفيره، بجانب عوامل أمنية حدت من توفير الأدوية.. متسائلين هل المخزون الاستراتيجي يمكن أن يحافظ على أسعار الأدوية ويؤدي إلى انفراج الأزمة؟ مشددين على ضرورة وجود بدائل طبيعية، إضافة إلى تشجيع المنتج المحلي، ورفع الرسوم الجمركية عن استيراد الأدوية وهذا من شأنه رفع المخزون الإستراتيجي. أما اتحاد الصيادلة نفى وجود ارتفاع في أسعار الأدوية، وأضاف: كل ما يحدث الآن هو ارتفاع في سعر الدولار، هو الذي أدى إلى زيادة أسعارها.. مؤكداً أنه ليس هناك زيادات في نسبة الجمارك والضرائب. وقال: إن سعر الدواء بالسودان أقل من سعره في الدول الأخرى، مبيناً أن تلاعب الصيدليات بالأسعار به غرامات مثل سحب الرخصة وإغلاق الصيدلية. أما المواطنون فلا حول لهم ولا قوة، وأبدوا غضبهم على ارتفاع الأسعار، وقالت المواطنة عائشة عمر: إن أسعار الدواء غالية جداً وليس بمقدورنا توفير أسعارها، وأضافت قائلة: (أنا لم استطع شراء دواء التهاب وحمى، لأن الدكتورة قالت ب«38» جنيهاً، والأدوية دي ما متوفرة عندنا في البلد وفي التأمين ما وجدناها). من جانبها قال المواطن معتصم محمد: إن أسعار الدواء ليست مرتفعة بل خرافية، مطالباً بالنظر في أمر المواطن البسيط، وتوفير الدواء له، ومراعاة ظروفه المادية. من جانبه أوضح ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك أن أسعار الدواء المعمول بها تحتاج للمراجعة، لأنها غالية الثمن.. وقال يجب على المجلس الأعلى للأدوية والسموم اجراء تحقيق في أسعار الدواء، وارجاع الأسعار لأصلها وتحريرها، وأضاف إن الدواء مسعر بالقانون، فمن الأحرى أن ينخفض إذا كانت هناك رقابة جادة. وفي ذات السياق أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأدوية والسموم د. محمد الحسن الإمام- في منتدى جمعية حماية المستهلك- مراجعة أسعار شركات الأدوية التي تمثل منتجاتها نسبة 80% من الأدوية المتداولة بالأسواق، ومعاقبة عدد من الشركات لمخالفتها اللائحة، مشيراً لوجود زيادات غير مبررة من قبل شركات الأدوية.