وقبل أن نحرق المراحل ونقفز بالزانة.. صعوداً إلى أعلى كراسي القصر الجمهوري، ذاك الذي يجلس عليه السيد رئيس الجمهورية، قبل كل ذلك دعوني أبدي إعجابي الذي لا تحده حدود بالأداء الرفيع المتميز بل المبهر الذي قام به الصديق الأستاذ الطاهر حسن التوم.. وفي يقيني أن ذلك اللقاء مع السيد رئيس الجمهورية هو محاضرة شديدة الإبهار والنصاعة والجلاء تُدرس إلى بعض المذيعين.. الذين يفرغون أي لقاء مع أي مسؤول أو نجم أو شخصية لها تأثير في الوطن.. كان الأستاذ الطاهر في قمة لياقته الذهنية واصطحب معه حضوراً طاغياً وشاسعاً وهو يحاور السيد الرئيس.. أما الذي أبهرني وأطربني هو امتلاء الرجل بالشجاعة وهو يلمس في رفق وفي غير رفق كل عصب القضايا، التي هي من أدق عصب المواطنين.. شكراً الطاهر.. فقد شرفت ديار الإعلام.. المضيئة.. أبداً.. رغم تلك الظلال التي طفق البعض يرسمها في إهمال.. وبؤس وعدم مبالاة.. والآن نذهب مباشرة إلى ما ورد في ردود وإجابات السيد الرئيس.. طبعاً لن نبحر في كل القضايا- رغم أهميتها وإلحاحها- ولكن فقط نكتب كلمات عن الذي نراه أكثر أهمية وأشد إلحاحاً.. تحدث السيد الرئيس عن الفساد.. وهذا هو عمود خيمة المواضيع التي تشغل الناس هذه الأيام.. قال السيد الرئيس وكأنه يخاطب الإعلام.. بل كأنه يخاطب الصحف والصحفيين.. قال على كل من تصدى أو يتصدى لكشف فسادٍ أو مفسدٍ عليه أن يقدم الأدلة والبراهين.. وهذا تماماً ما قاله قبل ذلك السيد النائب الأول علي عثمان ولهما نقول.. بل للرئيس نقول لأننا قلنا ما نود قوله للسيد الرئيس من قبل للأستاذ علي عثمان.. نقول لك يا فخامة الرئيس.. ومن نحن حتى نستطيع اختراق تلك الجدر العصية، ونخترق تلك القلاع الشاهقة، التي يتحصن فيها المفسدون ومن هو ذاك الفاسد الغشيم الغر المسكين الذي يترك وراءه أثراً يقود إلى كشفه متلبساً بالجرم المشهود.. إن المفسد سيدي الرئيس هو أذكى الناس، وإن كان ذكاءً مدمراً فاسداً مضراً.. صحيح أننا نشتم رائحة فساد أحدهم من مسافة ألف ميل.. ونكاد نقسم بالذي رفع السماء بلا عمد.. إن فلاناً هذا فاسد و «لص» وحرامي.. ونكاد نؤكد في جلاء وثبات أن هذا فاسد بدرجة فارس، ولكننا لا نملك دليلاً واحداً عليه.. إن الفساد لا يقوم به الفاسدون تحت ضوء الشمس، ولا تحت هالات وكشافات الإضاءة.. إنه عمل يتم همساً وفي الظلام.. لا يتم لأي فاسد إلا إذا اشترك معه نفر من الفاسدين، مهما كان ماهراً وشاطراً وذكياً.. أما كيف نحن نعرف أن هذا فاسد، يكفي فقط أن ننظر إلى حاله اليوم وحاله قبل سنوات خلت.. صحيح إن الله يرزق عبده بغير حساب.. ولكن الصحيح أيضاً إن الرسول المعصوم.. قد أمر بالسؤال الأبدي.. من أين لك هذا!!.. سيدي الرئيس.. نطلب منك شخصياً وذلك لأنك المسؤول عن المواطنين وعن أموال المواطنين.. وزرع وأرض المواطنين.. نطلب منك أن تبدأ بالمسؤولين.. أولئك الذين هم في الطبقات العليا من بنيان الدولة.. أبدأ بالذين كانوا مواطنين مثلنا.. تكاد لا تفي مرتباتهم بتغطية مصروفات حياتهم وأسرهم.. ثم باتوا اليوم يتطاولون في البنيان.. اسأل هؤلاء ولا شك أنك تعرفهم قبلاً وتعرفهم حالياً.. أنظر إلى حالهم الآن، واستدعي من الذاكرة أحوالهم قبل اثنين وعشرين عاماً.. أي قبل تمكنهم من رعاية أحوال الدولة والناس.. ليس في الأمر تشهير.. ولا بهتان.. ونصدق حديثك أنه لا أحد فوق القانون.. وليس هناك كبير على القانون.. والناس أمام القانون سواسية.. أنت بيدك المساءلة.. وتحت تصرفك السلطان والمحاكم.. وقبل كل هؤلاء المخابرات وتحديداً الأمن الاقتصادي.. هؤلاء أطلق يدهم.. ليملأوا يديك بحقائق يشيب من هولها الغراب.. خروج.. كان الخليفة عمر بن الخطاب.. رضى الله عنه يمشي مع أصحابه عندما رأى داراً تنشأ بالحجر والحصى.. قال لمن معه لمن هذه الدار.. قال أصحابه لعاملك على البحرين فلان.. هنا قال أمير المؤمنين.. أبت الدراهم إلا أن تطل بأعناقها.. وعزل الوالي.. لك التحايا