العمل الطوعي أصبح شريكاً أساسياً للعمل الرسمي، وأصبح له مكانة مهمة، ليس في السودان فحسب، بل في كل العالم، خاصة بعد ازدياد عدد سكان العالم، الذي لا يكيفه عمل الحكومات منفردة، فطلبات الإنسان واحتياجاته في تزايد، لا يمكن أن (يلحق) حتى بالمنظمات الطوعية.. ورغم أننا لا يمكن أن نقول.. إن المنظمات السودانية قد وصلت لمصاف نظيرتها الدولية، إلا إن بعضها أصبح يقدم خدمات كثيرة، تساعده فيها أجهزة الدولة، فيعود ذلك بالنفع لأصحاب الحاجات.. وأن يقود المجتمع هذه المنظمات أمر طبيعي، لكن أن تقوم بهذا العمل منظمات طلابية، فهذا هو التميز.. فيوم أمس الأول كان يوماً مميزاً لهذه الشريحة، وقد دُعيت لحضور احتفال توزيع الدراجات البخارية للمعوقين، وتخريج الطلاب المكفوفين الذين تدربوا على برنامج (أبصار) الناطق، الذي يمكِّن المكفوفين من العمل في جهاز الحاسوب.. وقد ذهبت وكلي أمل في مشاهدة فرحة المعوقين والمكفوفين، الذين تغلبوا على إعاقتهم، وأصحبوا طلاباً متفوقين.. ولم يخب أملي عندما شاهدت ما ذهبت من أجله، من فرحة عارمة اجتاحت وجوه المعوقين، هذا غير الفرحة التي أحسستها أثناء شرح أحد المكفوفين المتخرجين من الدورة التدريبية على برنامج أبصار، وقد اندهشت من كيفية تعامله مع الحاسوب، غير أنه طلب مني أن أناشد الحكومة وأهل الخير، لمساعدتهم في امتلاك أجهزة حاسوب تحمل هذا البرنامج باهظ الثمن، لكنه سيغنيهم عن الحاجة للناس.. وليتني أجد استجابة. المهم سادتي إنني قد وجدت البرنامج يحتوي على برامج ومشاريع أخرى، منها مشروع ساعة تطوع، وتدشين السجل الوطني الطوعي، وحملات التبرع بالدم، ومشروع طالب مدرك لقضايا الايدز والمخدرات.. ولعمري هذه برامج ومشاريع تستحق الإشادة والوقوف عندها، وعند الطلاب الذين ينفذونها، ولا أظن أن الموضوع يمكن أن يقف عند حد الإشادة، بل يجب أن يتعداها للدعم والمساندة، فأمثال هؤلاء يقومون بأعمال يصعب على الكبار حتى التفكير فيها، ناهيك عن تنفيذها.. فليسعد السودان إذن بقيادات مستقبله الذين تدربوا على خدمة المجتمع.