الكوارث الطبيعية والكوارث غير الطبيعية، مسببتان للأضرار للإنسان وبيئته، ولقد شهد العالم (8000) كارثة طبيعية، فقط ما بين عام( 1967 1991م)، ناهيك عن الكوارث غير الطبيعية، والتي قد يتسبب فيها الإنسان غالباً، وقتلت هذه الكوارث أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وتأثر من جرائها ما يُقارب الثماني مئة مليون شخص، ونتجت عنها أضرار اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، وتكبدت الدول النامية معظم هذه الخسائر، والسودان واحد من هذه الدول التي تكتنفها الكوارث بصورة أصبحت شبه مستمرة، ولهذا طالعنا في صفحات جريدتنا المقروءة( آخر لحظة)، العديد من أخبار تلك الكوارث في الأسبوعين المنصرمين، ومن هذه الأخبار أنه لقي(27) شخصاً حتفهم، بعد أن جرفتهم مياه خور بركة، الذي يقع جنوب ولاية البحر الأحمر، وتم العثور على جثثهم على مشارف مدينة طوكر، وأن المتوفين هم من سكان محلية عقيق، ويعملون بالرعي، وكانوا نائمين على مجرى الخور الذي كان جافاً، وبعيد منتصف الليل جاءت السيول وجرفتهم.. وفي ذات الحين شهدت مدينة كادوقلي أمطاراً غزيرة تجاوزت معدلاتها الخمسين مليمتراً، وأحدثت سيولاً وفيضانات شملت معظم أحياء المدينة، وقد أحدثت أضراراً جزئية في بعض الممتلكات والمنازل.. و أفاد المدير التنفيذي لمحلية كادوقلي إن حجم الضرر لا يستهان به، وأيضاً لازلنا عزيزي القارئ نتابع ما شهدته الأيام القليلة الماضية من كوارث، حيث تسبب إعصار قوي ضرب أجزاءً واسعة من مدينة حلفاالجديدة بولاية كسلا، متسبباً في أضرار تمثلت في تدمير نحو (30) منزلاً، تدميراً جزئياً بالقرية (8)، بجانب انهيار أربعة فصول دراسية، ومخبز تجاري، وتدمير (15) من خطوط نقل الكهرباء، مما أدى إلى انقطاع التيار، و لقي (4) أشخاص مصرعهم وأصيب (5) آخرون بجروح متفاوتة بمنطقة سالمين بمحلية قلع النحل (ولاية القضارف)، إثر انهيار بئر بمناطق التنقيب العشوائي للذهب، و أنَّ الانهيار كان نتيجة لتدافع أعداد كبيرة من المواطنين للمنطقة بحثاً عن الذهب، بجانب الأمطار الغزيرة التي ضربت المنطقة، وشهدنا من خلال الأخبار نشوب حريق بمبنى قناة الأمل الفضائية بضاحية اركويت، بسبب التماس كهربائي قضى على محتويات الاستديو بالكامل، وسقط حائط المبنى على عربة كانت بجواره دون اي اصابات. ولا ننسى الهزات التي حدثت مؤخراَ، والتي قد تكون بداية لنشاط جيولوجي في بلدنا، فالعبرة هي أن نقتنع جميعاً بأننا لسنا بعيدين عن مكامن الخطر، والبدء بدراسة جميع الاحتمالات بشكل علمي والاستعداد لمواجهة الظروف على اختلافها، للتقليل من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة وأهمية معالجة المباني بالطرق العلمية، لأنه في اليابان مثلاً يضربها زلزال بقوة ( 8) درجة تكون الاصابات فيه قليلة لا تتعدى بضعة أشخاص، لكن زلزال بقوة(6) درجة يضرب ايران أو الباكستان يكون ضحاياه عشرات الآلاف، وحتى نقترب من تحقيق تلك الأهداف علينا أن نتذكر أن تزلزلت المدينة (مدينة الرسول صلي الله عليه وسلم) وبرواية صفية زوج عمر رضي الله عنهما، قالت: تزلزلت المدينة على عهد عمر، وابن عمر (رضي الله عنهما) قائم لا يشعر حتى اصطفقت السرر، فلما أصبح عمر رضي الله عنه قال أيها الناس ما أسرع ما أحدثتم؟ وفي- لفظ- لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم)أ.ه. فما هي الدروس المستفادة والعبر التي يمكن أخذها من هذا الأثر، والذي ينطبق تماماً على الهزات الأرضية، التي نشهدها بين الحين والآخر، فأولى هذه الدروس أن هذه الهزات دلالة على وقوع المعاصي أو البدع، وهذا مستخلص من قول أمير المؤمنين عمر (ما أسرع ما أحدثتم) والإحداث هو الإبتداع ويدخل فيه المعاصي وثانيها.. إن الهزات سخط وعقاب من الله تعالي، وأما ثالثها أنه يشرع فيها للسلطان، أو الإمام أن يعظ رعيته ويذكرها بالله، كما فعل عمر رضي الله عنه.. ورابعها انه يشرع لمن كان في أرض تتكرر فيها الهزات، أن يخرج منها، وهذا مستفاد من قول عمر رضي الله عنه(لئن عادت لأخرجن من بين اظهركم). وكما هو معلوم فإن مراحل الكوارث المختلفة تبدأ بمرحلة الوقاية، ثم مرحلة الاستعداد لمواجهة الكوارث المحتملة، وكيفية التعرض لها، وانتهاءاً بمرحلة معالجة آثارها المادية والنفسية والاجتماعية، وكل ذلك يهدف الي إلقاء الضوء على الكوارث المختلفة، التي تهدد الإنسان بأنواعها المختلفة، وسبل الوقاية منها، والتخفيف من آثارها، وأساليب مواجهتها،كما أن النظر لتجارب بعض الدول في التعامل مع الكوارث المحلية، وتبادل الخبرات معها في إدارة الكوارث، هو السبيل لتعزيز سبل التعاون على المستوى الدولي أيضاً، ويساعد في إيجاد الآليات المناسبة لتفعيل الاستفادة من التقنية، وأجهزة السلامة ومكافحة الكوارث وإدارتها، لتفادي وقوع الكوارث، والكشف عنها قبل وقوعها، مثل أجهزة رصد الزلازل، وكشف تسربات الغازات، والأبخرة السامة، وأجهزة قياس عوامل الطقس والرياح، وكاميرات المراقبة، وأجهزة الكشف عن المتفجرات والألغام. وهذا يقودنا بدوره للإهتمام باستخدام إدارة المعرفة والذكاء الاصطناعي، في زيادة فاعلية جهود المواجهة باستخدام نظم المعلومات الجغرافية، وتقييم المخاطر، ولذا نأمل أن تتعامل كافة الجهات (المعنية) بوعي وإدراك مع هذه الكوارث المحلية، وبصورة مستمرة وليس عبرالمسكنات التي لا تسمن ولاتغني من جوع.