إعترف بالعربي الفصيح إنني إنسان بلا مزاج ، فبعد أن تركت القهوة المظبوطة وفارقتها فراق الطريفي لي جمله لم أشعر بزغللة في العينين ، أو الخمول كما يدعي بعض مدمني الكيف الناعم . على فكرة لا أدري حتى الآن صحة المقولة التي تربط بين الإبداع والمزاج بصفة عامة ، وطبعا لا أعني هنا القهوة وإنما أعني الكيف الأسود الذي درج بعض الناس على تناوله في عدة أشكال ، بلبعة وشراب وتدخين.المهم يقال أن البريطانيين ينفقون على القهوة أكثر من فواتير منازلهم ، وكشفت دراسة أن الفرد البريطاني ينفق على القهوة أكثر من 450 جنيها إسترلينيا في السنة ، فيما يبلغ حجم الإنفاق على القهوة في عموم بريطانيا نحو 430 مليون جنية إسترليني سنويا .على فكرة جاء في دراسة أمريكية أن الإدمان على القهوة يسبب زغللة العينين ، فما بالكم بأنواع الكيف الأخرى ، فكم من المبدعين في العالم راحوا ضحية الكيف الأسود وآخر الضحايا النجمة الأمريكية ويتني هيوستن التي لقيت حتفها جراء جرعة فائقة النكهة من المخدرات ،وقبل ويتني لقيت المطربة البريطانية إيمي واينهاوس نفس المصير بجرعة زائدة ومن قبلهما لقي النجم هيث ليديجر حتفه جراء الكيف الأسود ،وفي السودان لدينا الكثير من هذه النوعيات التي إنتقلت إلى الضفة الأخرى نتيجة إدمانها على الكيف. لكن طالما أن القهوة حسب آخر الدراسات تساعد على تخفيف حدة الأكتئاب والذي منه ماذا لو تم الإعلان عن نفيرة « البن » نعم البن في عموم جمهورية السودان وشقيقتها اللدودة دولة جنوب السودان ، على أن يجري إعتماد القهوة مشروب قومي في الدولتين ، وبصراحة يمكن بهذه الوسيلة البسيطة وغير المكلفة إزالة الشحن النفسي وتداعيات الإكتئاب المرتبطة بهوجة الحرب والمناوشات الساخنة التي ستقصف بأركان الحراك التنموي والإستقرار في الدولتين ، وحكاية إرتباط القهوة بإستئصال الإكتئاب جاء في دراسة أمريكية أوضحت أن الأشخاص الذين يرتشفون القهوة بإنتظام أقل عرضة للإصابة بالإكتئاب . إذن علينا من الآن فصاعدا إعلان نفير البن بدلا من نفير الحرب . أقولها بصراحة مزعجة جدا رغم أن دولة جنوب السودان كانت المعتدية على السودان ، وأن جنود الحركة الشعبية عكروا المزاج السوداني العام برائحة الدم ، رغم كل ذلك علينا أن نبحث عن الحقيقة في الصراع الدائر بين الدولتين ، لأن توعد كل دولة الأخرى بالثبور وعظائم الأمور ستكون لها الكثير من التداعيات .فالحكومات يا جماعة الخير تذهب إلى أرشيف التاريخ ولكن تبقى الشعوب ، وأتصور أن الشحن النفسي والتداعيات الناتجة عن السيناريوهات الدموية في المناطق الساخنة ستذهب أدراج الرياح في الغد ، المهم يجب على قادة دولة الجنوب وأزلامهم من الشماليين أن يعوا الدرس جيدا ، ففي المرة المقبلة ستكون الأمور أكثر سوداوية ولن ينفع نفير البن ولا يمه أرحميني .