من المفترض أن أكون الآن- بإذن الله- في الأراضي المقدسة، وفي الحرم المكي الشريف- إن أراد الله- وأود أن أواصل بعض سردي لأحداث جمعة النصر، الذي بدأته يوم أمس، وما أكتبه الآن أُشهد الله العظيم، وأنا بين يديه وفي رحاب حرمه الطاهر الشريف حدث كما أرويه تماماً. أديت صلاة الجمعة- قبل الماضية- وهو يوم النصر المبين على فلول الحركة الشعبية وأعوانها من المتمردين، أديت الفريضة في مسجد جامعة أم درمان الإسلامية بالثورة، وكان الخطيب مهيباً قوي الصوت، تستشعر حرارة دعائه الصادق من مفرداته المؤثرة، وقد ظل يدعو لنصرة قواتنا المسلحة والقوات النظامية والمجاهدين، وجموع المصلين يرددون خلف كل دعاء مؤمِّنين ب(آمين). وصلت الى مقر الصحيفة بيسر مكنني من متابعة خطبة الشيخ الجليل عبد الجليل النذير الكاروري، التي كانت تنقلها الإذاعة حية ومباشرة، وهي خطبة عامرة بالمواعظ والدعاء والمقارنات، ظللت أحرص عليها منذ سنوات، وأحرص على نشرها كاملة، ذلك في الصحيفة إن تيسّر لي ذلك، وكان الدعاء فيها مثل كل تلك الأدعية التي توجهت الى السماء من مساجد الأرض في بلادنا، وبعد أن انتهت خطبة الشيخ الجليل، وادى المصلون فريضة الجمعة، رأيت أن أجري اتصالاً هاتفياً بخطيب مسجد الشهيد في الخرطوم، فضيلة الشيخ عبد الجليل النذير الكاروي، انقل له إعجابي بالخطبة التي لم اتمكن من سماعها مباشرة من داخل المسجد.. استحضرتُ رقم الشيخ، وضغطت على زر الاتصال لتحدث لي المفاجأة المذهلة.. لم يظهر لي اسم الشيخ الكاروري عندما ضغطت على زر الاتصال، لكن -والله على ما أقول شهيد- كلمة واحدة سرعان ما اختفت هي كلمة (تحرير)، ثم ظهر لي اسم الشيخ من جديد، لكن الهاتف كان مغلقاً، حاولت الاتصال به مراراً، لكن الهاتف ظل مغلقاً حتى لعدة أيام لاحقة، حتى أنني تيقنت أن الشيخ الكاروري غيَّر رقم هاتفه لا محالة. دخلت الى الصحيفة، أخذتُ اراجع ما هو أمامي وأقلب صفحات الصحف، أتابع ما نشرته عن «هجليج»، لتكون المفاجأة الثانية بعد أن رنّ هاتفي وكان المتصل هو الأخ والصديق الأستاذ ميرغني حسن لطفي الذي قال لي بنبرات متسارعة انه يتحدث الآن من داخل مسجد (ظلال القرآن) في السكن الفاخر بالثورة، حيث تجري مراسم عقد قران اثنين من أبناء الفريق الهادي عبد الله، ونقل اليّ أن السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير هنأ شهود عقد القران ومن كانوا داخل المسجد بتحرير «هجليج»، وقص علي كيف أن أحد الضباط همس في أذن وزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين بكلمات لم يسمعها أحد، ليقوم الفريق عبد الرحيم بالتوجه نحو الرئيس، ويهمس هو بدوره في أذنه لينقل الرئيس بشارة النصر لمن كانوا داخل المسجد، ليعرف السودان كله بعد ذلك بالنصر المبين. ظللت أكرر محاولة الاتصال بالشيخ عبد الجليل النذير الكاروري، حتى قبيل مغادرتي لأرض الوطن بيوم.. ولم افلح.. على كل حال نجدد التهنئة مثنى وثلاث ورباع.. وألف مبروك، ونسأل الجميع أن يداوموا على الدعاء.. وما النصر إلا من عند الله.. مبروك ü إشارة مهمة: ما كتبته اليوم قصصته على نفر كريم من الأصدقاء والزملاء في يوم وقوعه.