قبل أن «أفرك عيوني» من النوم طلب مني صديقي عثمان عباس أن أذهب معه إلى جراج بالمنطقة الصناعية، نصحته من قبل أن يذهب إليه لأصلاح سيارته أو مراجعتها كلما احتاجت وذكر أن سيارته خنزرت عليه مساء أمس وسلمها لهذا الجراج وأنصرف دون أن يعرف الأسباب التي دفعتها لأن «تحرن» وتقسم لساتكها الأربعة ألا تتحرك قيد أنملة... وواصل السب والسخط على سيارته هذه والتي أصبحت تقاسمه مرتبه.. وتأكل أضعاف ما يأكل وتتعالج بأضعاف ما يتعالج هو وأفراد أسرته أجمعين وللدرجة التي أقتنع بها أنها تستهدفه وبسبق الأصرار والترصد تلتهم «القدام» بعد أن جففت «الورا» ولم تبق فيه شيئاً... وقطعاً لم أمانع في الذهاب معه.. أولاً لأنه «طالبني» مشاوير كثيرة ذي ده.. وثانياً لأن رفضي إن حدث فسيلخبط الدنيا وما فيها خاصة وسيادته وصلني في حالة نفسية سيئة للغاية. أما السبب الأهم في الأمر فإن ذهابي يعني تناولي لقهوة الصباح.. من فاطمة أميرة ستات الشاي وفاطمة هذه وللعلم فقط زولة محترمة جداً مكافحة عالية الثقافة كبيرة الفهم.. مثقفة تعرف جيداً ما يدور حولها ملمة بحال «قاع المدينة» متصالحة مع نفسها طيبة التعامل.. ذكية وخبيرة في فرز الخبيث من الطيب..كراسيها وبنابرها.. المنتشرة من حولها حولت المكان إلى منتدى ثقافي يفيض بطرح الموضوعي من القضايا ويثري بالهادف من النقاش.. أضف إلى ذلك قهوتها «حاجة ما تخلص» إن شربت عندها مرة فلابد أن تعود لتشرب منها مرات ومرات «وسري للغاية» فأنا من هواة شرب القهوة بالشارع العام وأكره القهوة التي يصنعها الرجال ولا أفضل القهوة المصنوعة بالمنزل فجزء من مزاجي «القهوجي» أن أرى المارة وتتعالى عندي صوت الركشات والأمجادات «والهايصات» وأنا جالس على بنبر لا كرسي. ومستمع فقط ومستمتع بما يدور دون أن أشارك في النقاش وللحقيقة فالنقاش كان وقتها حامياً فالست فاطمة وخلافاً لصديقي الذي رافقته مؤيدة ومناصرة بقوة للبروفسير شداد وهو المبالغ في الخصومة معه والوقوف ضده حتى حسبها أنها استهدفته عندما قالت بصوت أخترق أذنيه إن دكتور شداد أخوهو مافي.. فهو زول دوغري وزول تمام.. لا يهاب ولا يخاف والصاح بيعملو حتى لو انطبقت السماء والواطة. وواصلت فاطمة أميرة ستات الشاي كما أسميها في مدح دكتور شداد بما لو سمعته منها زوجته لكان للغيرة هنا «كلام وكلام» واختتمت قائلة.. الفيفا معاهو.. والباقين الدايرنو يعملوا وبمناسبة الفيفا هذه فصديقي عبد الحفيظ عثمان وهو من كبار المناصرين لشداد أصبح ينادي أبنته فاطمة ب «فيفا» من يوم صدور قرار الفيفا بحق جمعية الاتحاد العمومية.. عفواً أعود لصديقي والذي ظل يبحلق «مغيوظاً» في وجه فاطمة دون أن يرد عليها بكلمة واحدة. واكتفى بأن يوجه حديثه إليّ قائلاً «عليك الله شوف الولية دي» فقلت له دي زولة صاح.. حارقاها الشمس ونار المنقد ونار المعيشة.. ونار المسؤولية وبتعرف كويس الغلط من الصاح.... وأخذ بعد ذلك نفساً طويلاً من سجارته وقال ياخي خليك من الكلام الفارغ ده ومن شداد وما أدراك ما شداد وقوم نشوف العربية الكارثة دي حصل عليها شنو.. ووقفت ماداً لفاطمة حسابها وشاكراً لها ومشيداً بمنتداها الرياضي الثقافي الاجتماعي الذي طرح فيه قدوم رمضان وارتفاع أسعار متطلباته والموية التي تخرج من المواسير عكرانة ليشرب الناس كدراً وطيناً. وأمتد النقاش لأستقالة الوالي والأرباب وارتفاع الدولار والبصات الجديدة.. والوحدة والانفصال.. أما الموضوع الأول وكما أسلفنا فقد كان موضوع «الفيفا» والذي طرحته فاطمة أو «فيفا» بكل موضوعية وعقلانية وترو وشطارة.. أذهلت به صديقي عثمان عباس خصم شداد الأول.... وأنصرفنا ولحظة وقوفنا أمام باب الجراج الذي أدخل إليه عربته فأجأه مسؤول الجراج قائلاً يا أستاذ عربيتك دي ما فيها حاجة وكل ما هناك أنها عاوزة شداد. فشد شعر رأسه صائحاً تااااااني شداد. شداد تاااااني.. تاااااني شداد.. قلت أيوه تاني وثالث ورابع وخامس شداد.. شداد شداد. والما عاجبو يرجع الفيفا.