في كافتريا من كافتريات الدوحة قابلني صديق لبناني كنا نعمل معاً لراديو وتلفزيون الشرق الأوسط H.B.C بلندن وعلى خلفية أنني معارض لنظام الحكم في السودان ما يدل على أن الصديق اللبناني ليس من قراء سوادانيز أون لاين سألني (لك شو محمد ليه ما بتسقطوا النظام في السودان هلا كل الدنيا ضدو؟) ضحكت طويلاً وسألت الصديق سؤالاً مباشراً (مين فاز في انتخابات تونس؟؟؟) أجابني حزب النهضة . سالته وهل حزب النهضة بنيوي أم ماركسي أم ليبرالي؟ أجابني حزب إسلامي. تم سألته (ومن عم بيفوز هلا في مصر ) أجابني: الأخوان والسلفيون . وفي المغرب؟ أجابني الأخوان . وهنا إنفتحت شهيتي للسؤال الأخير وليبيا ؟ أجابني (هاي أكبر مقلب). قلت له (طيب يا أخي) ثارت تونس وانتحر بوعزيزي وضجت الشوارع وإستدعي المتظاهرون شعر الشابي وأرادوا الحياة فإستجاب لهم القدر وجرت الإنتخابات وفاز الإخوان المسلمون ، ثم ماج النيل في مصر وساخ وإمتلأً ميدان التحرير بشباب الفيس بوك وضجت القنوات الفضائية بدكتور عمار وفريده النقاش وإئتلاف 6 أبريل وشباب الثورة ولطفي وأكد (صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر) وأعلن عمر سليمان تنحي الرئيس وجرى ما جرى وحين أجريت الانتخابات فاز الإخوان ومعهم السلفيون، أما ليبيا فتلك منطقة حرة للتيار الإسلامي شعارهم الله أكبر ورايتهم لا اله إلا الله ، قلت له لماذا نثور ؟ (ونحن رزقنا الله باخوان مسلمين بدون مظاهرات؟) لماذا نردد كلمة (الربيع العربي) وايامنا كلها ربيع بدءاً من ربيع الدنيا وحتى(ربيع عبد العاطي؟!!!) المزاج العام يمكن أن يصبح دورة ايدلوجية وهو يتجه منذ مدى ليس بالقريب نحو الإسلام ويجتهد فقهياً نحو إيجاد مقاربات تجعل الدولة مجاورة للدين والدين مرجعيتها العامة وقد اريق في ذلك حبر كثير وكانت تونس ومصر وإلى حد ما السودان حاضن هذا الحبر ومسرح تلك الإجتهادات قلت للصديق اللبناني : يمكن الهروب من اللحظة السياسية ولكن لا يمكن الهروب مطلقاً من المزاج العام الذي تدخل في تشكيله الأيدلوجيا وأستعرضنا معاً مرحلة الستينات وادبيات الثورات الوطنية الديمقراطية والجبهات الديمقراطية للتقدم وتحالفات الطبقات التي صارت كلها في ذاكرة الأدب السياسي القديم، وتناولنا الجمهوريات التي إنتهت إلى التوريث والتعابير الإشتراكية التي اصبح مثواها شقف الشموس الغاربة!!! كان حواراً ثراً جعل الصديق اللبناني يرتشف الشيشة ويقول لي (مبروك عليكم الإخوان المسلمين)!!!