درج البعض بالتقليل من قدرة أبناء دارفور في إدارة الشأن العام، والزج بأسمائهم في مهاترات وتبخيس دورهم، وتحميلهم فشل الآخرين في العمل السياسي، لا لشيء إلا لهوى في نفوسهم المريضة المتوهمة بالعظمة والتفوق، وهؤلاء ينطبق فيهم: «يعرض في السوق أقلامه ودفاتره ويتاجر بالكلمات وبالرب والناس، لكنه لا يرى الوحل في وجهه ناطقاً والنجاسة ملء شرايينه والدنانير شفتيه». ونقول فيهم: إن أردت العيش بسلام فعش جهولاً واملأ الأرض نفاقاً ورياءً وفضولاً وأغمض العين عن الهون وحاذر أن تقولا ثم سم الهر ليثاً والتمس في الفأر فيلا إن هؤلاء يا أخوتي درجوا على تبخيس قدرات الغير، فهم المؤتمنون على مصير الشعب، ويسدون قرص الشمس تهويلا وبكاءً وعويلاً، وهنا يستذكرني مقال أخي الأستاذ/ الطاهر ساتي «الرائعون في بلادي لا تهدهم فؤوس المحن، ولا تكسرهم ضربات الزمن ولا تحرقهم نيران الفتن، وعلى صبرهم تتحطم الإبتلاءات، وعلى شفاهم تموت الأحزان، وبدموع المآقي يزرعون الحياة أملاً وفجراً، فهم يا سادتي في الضراء قمم من الإحتساب والحزن النبيل» ومن هؤلاء أخي الوزير الشفيف السلطان محمد بشارة دوسة وزير العدل، ونقول له أخي السلطان مولانا/ محمد بشارة دوسة نواسيك على هذا الابتلاء ونعاونك بإذنه تعالي ونهنيء أنفسنا بقدومك على رأس هذه الوزارة، ونفرح بهذا الإختيار الذي صادف أهله، وقذف في قلوب الحاسدين الحسرة والندامة قدر حزننا على ضعاف النفوس، واعتقادهم بأنهم انقى عرقاً ونسباً وهم أكثر الناس جهلاً بالأنساب ومعرفة بتاريخ السودان. وأقول للذين لا يعرفونك هكذا أراد المولى إن تنتقل من موقع لآخر حتى ينعم الناس بصفاء قلبك وطيب معشرك، وحكمتك في إدارة العمل، وتفانيك في خدمة الشعب السوداني، لا لبيوتات وتنظيمات أدمنت الفشل، وجعلوا السودان في الدرك الأسفل في خاتمة الدول الفاشلة إدارياً وسياسياً وعرفت بالانحناء لغير الله. أمض أخي الوزير في نهج الإصلاحات، ولا تبالي بأبواق المرجفين والمفسدين، فالأقوياء أقوياء أينما حلوا، والضعفاء ضعاف مهما تقربوا للسلطان بالوشايات والنميمة وسوء الخلق والأخلاق.. فهنيئاً للوزارة بك بعيداً عن زيف المنافقين والشلليات، الذين أكلوا واتخموا من موائد الوزراء، وامتلأت بطونهم بمال السحت، وأشعلوا الفتن ليسودوا. فالحكم من نعم الله على عباده، يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، فإن أحسنت الحكم وعدلت وبسطت الشورى في مؤسستك، تمكنت من القضاء على الفساد والمفسدين وأبواقهم من خارج الوزارة، واستعن بمن شئت منهم، وقرِّب أولي العلم والأخلاق، فإن من ركائز العدل العلم والأخلاق والثقة والبطانة الصالحة، التي تعينك على إقامة العدل وقضاء حوائج الناس، فاختر لنفسك أكثرهم علماً ومعرفة ولا تركن لسفهاء القوم من قوم، وإن سفهتهم لسعتك ألسنتهم بالسم السعاف، ومن هؤلاء زمرة يجتمعون بالليل والنهار، ويأتمرون بأوامر من هم معك في الوزارة، وهم معلمون بالاسم والعنوان، فاركلهم حتى يعرف كل مختل عقل، وسفيه قوم، ومرتاد موبقات موضعه، وليعلموا أن للأدب حدود وللحلم مقدار. أخي الوزير الأمير بن السلطان وحفيد السلطان وسلالة السلاطين أمض نقول: لقد دعوت ملوك الأرض جميعاً لتحي مقدمك فقلت لهم: قامته شامخة كالذرى وسحنته بهية سمراء وعنقه كاباجورة إذا جلس حسبته أسداً في عرينه متحدياً وإذا قام كأنه جبلاً يستعصي أن ابلغا وإذا ثار كأن زئيره يهز الأرض هزا وإذا هدأ بالوقار توسما ويا هؤلاء لا تحسبوا وقارالسلطان ضعفاً، فإن استسفهكم فلا تجرون على فعل ما أقدمتم عليه ثانياً، فإن للسلطان رجالاً يسدون قرص الشمس عدداً، وسيوفهم مشرعة للقصاص له. وإن ظننتم أن أهل السلطان سكتوا فحسبتم ذلك تخاذلاً منهم وهوان، فارتعوا حتى لا تصيبنكم نارهم، ونقول لكم للجهل أوقات، وللحلم مثلها، ولكن أيامنا إلى الجهل أقرب، فلا تدعنا نخرج من وقارنا ونلبس لباس نار تتلظى بناره قبل الآخرين، وارحم نفسك، لا تجعلوا من الوزير شماعة لكل اخفاقات اليسار، وشرذمة اليمين، وتهافتهم على كرسي الوزارة، فالسلطان وإن خرج من الوزارة فهو سلطان إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، وبشهادة جل المستشارين وأهل الوزارة، فإن دوسة من أفضل وأنقى وأنظف الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة منذ الاستقلال، فالوزارة تتشرف به، ولكنه لا يتشرف بها، فإنه ورث الحكم كابراً عن كابر، وتربى في كنف السلطة والحكم، ما لكم كيف تحكمون؟ واختم مقالي بأبيات لعلها توقظ في قلوبهم الميتة الكرامة وحب الخير: ايحيا غريب الدار في الدار سيداً ونحيا عبيداً بينه ومواليايقولون إن البغي ولى زمانه ü وأضحى معين القوم عذباً وصافياً وأصبح أمر الشعب خالصاً وأصبح صوت الحق كالرعد داويا فيا ليت شعري ما لعيني لا ترى مفاخر هذا العهد إلا مخازيا يلومنا أن نثور لحقنا ونغضب إن لم نأخذ الحق وافيا ايحمد من يبغي على الناس صنعه وينعي في ضيم إن ضج شاكيا فلا در در المرء إن عاش تابعا ولا نام جفن الحر إن بات باكيا «ونقولها نحن لا نبكي، فالأسود لا تبكي بل تزأر، ونخشى على الغزلان والغلمان التباكيا» üالمحامي/ الخرطوم