معروفة هي فصول السنة والجميع يعلم مراحل كل منها، بل إنهم يعرفون متى تبدأ ومتى تنتهي وماذا يحدث خلالها.. إذن عنصر المباغتة غير وارد.. فمن لا يعرف التوقيت الذي يبدأ فيه فصل الخريف ومن لا يعرف تفاصيله التي تتمثل في الأمطار الغزيرة والسيول والصواعق وغيرها.. إذن ليس هناك عذر لمن بدأ يصرخ بعد (خراب سوبا).. وهذا ما ينطبق على أهلنا في شندي. فهؤلاء القوم سادتي يعلمون تماماً أن بلادهم يمر منها السيل في طريقه من البطانة إلى النيل، ومعروف أن السيل لا «يغير دربه» ويأتي به حتى لو غاب مائة عام.. إذن يمكننا أن نحمِّل القائمين على أمر هذه المدينة التاريخية التي لم تشهد دماراً مثلما تشهده الآن، خاصة بعدما أقامت الحكومة مشروعي المسيكتاب والتراجمة، وتناست أنها في «درب السيل» ولم تتحوط لذلك بعمل الكباري اللازمة لمرور السيل الذي إذا جاء أدى إلى الكارثة التي تهدد شمال شندي بالنسف .. نعم بالنسف والدمار الشامل، فالمشروعات قد حبست الماء فارتدت للمناطق الأخرى وأدت للكارثة التي يصعب تلافيها الآن.. واعتقد سادتي أن مثل هذه الكوارث دائماً ما تكشف العيوب الهندسية التي تصاحب مشروعاتنا التي نؤمل فيها الخير، فالعشوائية دائماً ما تلازم مشاريعنا لتنهار بعد ذلك دون أن يبكي عليها أحد... المهم سادتي الوضع في شندي الآن ينذر بكوارث أخرى إذا لم تتم المعالجات اللازمة له، فقد انهارت كل المنازل هناك وغمرت المياه المنطقة مما يجعل المناخ مهيأ لانتشار الأمراض. ويجب أن يتكاتف أبناء تلك المناطق جماعة وأفراداً لمساعدة أهلهم.. فليس غريباً على أبنائها إغاثة أهلهم ومنطقتهم.. وهم زاد هذا البلد، أحفاد المك نمر وأحفاد بنونة بنت المك، فأبناء هذه المنطقة يتحدث عنهم التاريخ ويعرفهم السودان- «شيالين الهموم» «مقنعين الكاشفات» - «أهل الكرم والجود» - «أخوان الأخوات» - فهبوا إلى أهلكم، فمازالت السماء حبلى ومازالت الأرض تسيل.. بالمناسبة سادتي يجب أن يجلس الجميع جلسة سريعة وحاسمة ليتدارسوا أسباب هذه المشكلة ومآلاتها ليضعوا الحلول المناسبة لها.. فالقضية أكبر من قضية سيل رغم علمنا بأن نيران بيوت الجعليين لا تنطفئ، فهم أهل كرام.. لذا يجب حسم المشكلة من جذورها وبدون مجاملة.