منذ ان استهل عامنا الجاري هذا (2012م) مسيرته شهدت بلادنا فعاليات نشطة ومتلاحقه: اجتماعية، وثقافية، وتنويرية، ونحو ذلك، وبصفة خاصة لجهة العمل النسوي والشبابي، وذلك على الرغم من الملابسات المقلقة التى تكتنف الوطن في الظروف الراهنة، وان دل عذى ذلك فانما يدل على حيوية اهل السودان. ومن بين تلك الفعاليات الطيبة التى لفتت انظار الكثيرين واعادت الى الاذهان ذكريات جميلة كاد ان يطمرها ركام النسيان، المؤتمر الكشفي العربي رقم (26) بالخرطوم فوسط حضور مشهود من الداخل والخارج جرى تنظيم طابور عرض الكشافة البحرية والجوية في اصيل يوم لا ينسى، وذلك بمقر الكشافة البحرية، حيث استعرضت فرقة الكشافة البحرية امكانياتها الكبيرة التى تتمتع بها في عرض مهارات منسوبيها، ومن بينها طابور عرض بحري، وعروض بالمواتر البحرية، واخرى خاصة بالانزلاق المائي الفردي والجماعي، واشتعراضات من جانب الفتيات والأشبال، كما قدمت ايضاً عروض مثيرة من جانب الكشافة الجوية تمثلت في الانزلاق الحر من طائرة مروحية، وترافقت مع هذه الفعالية الجذابة تمثلت في معرض الكشافة البرية والجوية، وقد لقيت هذه الانشطة استحساناً كبيراً من الحضور. ومعلوم ان النشاط الكشفي المؤسسي والمنظم هو نشاط عالمي بعيد عن اى نوع من الاقصاء او التمييز السالب، ويعتبر مؤسس هذا النشاط الانساني الطوعي هو رائد الكشافة الاول (بادن باول)، اما في السودان فقد نشأت الحركة الكشفية في العام 1916م بمدينة عطبرة التى كانت منصة الانطلاق حيث انداح منها النشاط الكشفي الى انحاء البلاد الاخري. وفي العام 1930م تكون اول مجلس للكشافة السودانية برئاسة مدير المعارف الانجليزي مما يدل على الاهتمام الكبير بهذا النشاط من جانب الجهات المعنية، اما اول رئيس سوداني لهذا المجلس فهو الرائد الراحل عوض ساتي، اما في العام 1935م فقد تأسست جمعية الكشافة السودانية التى ركزت على جذب الشباب للعمل الكشفي. وفي مطلع الخمسينيات، اى قبل استقلال البلاد اصبحت الكشافة السودانية تشارك باسهامات فعالة في المحافل الكشفية الخارجية، بل واصبحت الكشافة السودانية عضواً مؤسساً في المنظمة الكشفية العربية حيث سجلت في العام 1954م، وفي ذات العام تم الاعتراف العالمي بها، وسبق لها ان استضافت الندوة الاقليمية لمشروع توعية الشباب عام 2000م. وفي الآونة الاخيرة شهدنا تحركاً ايجابياً كثيفاً في العمل الكشفي، ونأمل ان تتحول هذه الصحوة الى وثبة تعيد الى العمل الكشفي في السودان المكان الرائد واللائق به خاصة تمت القيادة الحالية التى نثق تماماً في انها قادرة على تحقيق الوثبة المرجوة، ومما يؤشر الى ذلك المخيم الحافل الذي اقيم مؤخراص بولاية الخرطوم وشاركت فيه الولايات المختلفة، بل ان من اشراقات ذلك المخيم مبادرة ولاية شمال كردفان الخاصة باضافة الكشافة البيئية لتصير الركن الرابع في الكشافة البرية والبحرية والجوية! وباستنطاقنا للاخوة الافاضل الذين يقودون ويشرفون على هذا العمل الكبير والرسالي حول العقبات التى تعترض طريقهم وجدنا انها تتلخص باختصار في توفير التمويل والمعينات بالنسبة للانشطة والرحلات الخارجية، وذلك على الرغم من ان الجمعية لديها بعض الاستثمارات الا انها لا تفي، خاصة وان النشاط الكشفي الخارجي مكلف مادياً. ولعل القارئ الكريم يتساءل عن سر اهتمامي الكبير بالعمل الكشفي، واقول ان لهذا الامر الكثير من الاسباب، ولكن على رأسها انني (كشاف) قديم بالمرحلة الدراسية الوسطى، اى في العهد الذهبي للنشاط الكشفي بالسودان، والثاني ان المنعطف الذي تمر به بلادنا، في ظل الاستهداف الخارجي الماثل، يستوجب ان نحشد كل الطاقات، ما صغر منها وما كبر، خاصة وان (موقعة) هجليج الاخيرة كانت درساً ينبغي التحسب له، وذلك امتثالاً لتوجيهات ديننا الحنيف بأن نعد للمتربصين ما نستطيع من قة ومن رباط الخيل، وبأن نعلم فلذات أكبادنا الرماية والسباحة وركوب الخيل، حتى نسد الثغرات والفرجات التى يمكن ان نؤتى من خلالها في ظل تقنيات الاتصالات المتقدمة التى لا هم لها سوى ان تقدم لناشئتنا الفسق والانحلال!