ü أنا أعرف أن قارئ هذه الزاوية سيغضب جداً إذا تحدثنا مرة أخرى عن التشكيل الوزاري.. يكفي طلائع الأسماء التي أعلنت لنقول لا فائدة من الحديث حول هذا الأمر ولا عزاء لكل الذين توفرت عندهم «حسن النية» أو توقعوا أن يحدث تغيير ولو طفيف ليُقال إن هذا الحزب الحاكم جادٌ في إجراء عملية إصلاح حتى ولو لم تكن «حقيقية»!! كيف يكون هناك «إصلاح» و«أحزاب التوالي» تعود «بقوة» كأن لم يحدث شيء.. والأحزاب الحقيقية والفاعلة صاحبة الجماهير والبرامج خارج الساحة!! يجب أن ننصرف لقضايا المجتمع وتتبع أحوال الناس وكيف تمضي يومياتهم؟ وسط هذه الظروف الصعبة والقاسية!! المجتمع نفسه انصرف وأصبح يدير أموره بنفسه و«يباصر» هنا وهناك.. أمس كان اليوم الأول لبداية العام الدراسي.. في كل عام أحرص على الخروج مبكراً واتوقف أمام الشارع أتأمل لوحة التلاميذ وهم يتدافعون نحو المدارس.. بعضهم راجلاً والأكثرية تمتطي «الهايسات» والحافلات.. إنه آوان التعليم الخاص وزمن تخلي الدولة عن مسؤوليتها. إزدواجية التعليم تطرح نفسها بقوة من أول نظرة في الشارع المدرسي.. طلاب الحكومة يرتدون الزي «الكاكي» والمدارس الخاصة يلبس طلابها زيّاً «مدنياً أنيقاً» رغم تباين الألوان.. والعلوم العسكرية لازالت مادة تدرس ألم أقل من قبل إن مؤتمر التعليم الذي عقد قبل شهور مجرد «لمسة ديكورية» لا أكثر ولا أقل!! أحد المسؤولين قال إن الدولة ستطعم الطلاب الفقراء وجبة فطور فحتى هذه اللحظة لم يحدث هذا الأمر. ü صديقي في المدرسة الحكومية سألته عن الحال في اليوم الأول، قال: الأساتذة «حضور» والطلاب «غياب»!! والكتب لا زالت تعاني النقص الشديد!! في إحدى المدارس الخاصة أشاهد تدافعاً نحو شباك سداد الرسوم.. أحد أولياء الأمور أطحك الطابور بقوله: يا أولاد أنتوا قاعدين في المدرسة خلونا نحن ندفع علشان نمرق «نلقط» ليكم تاني!! ü مشكلة دارفور تقفز في اليوم الأول وسيدة قادمة من هناك تحكي لي عذابات التحويل ومحاولات البحث عن تعليم أفضل للعيال رغم سوء الحال. ü تحية للمجتمع الذي يتقاسم أمر التعليم مع الدولة.. وتحية خاصة لأصدقائي في مدارس التأصيل بالحلفايا.. الأستاذ محجوب الماحي والمربي الفاضل كمال الدين المجذوب.. فما رأيته أمامي من صروح تعليمية متميزة أكدت فرضية أن المجتمع «دبر حاله» في أمر التعليم وعقبال الحال للصحة!! ü وكل عام وأبناؤنا بخير في دروب التعليم الشاقة والمرهقة و«المكلفة»..