قالت باختصار يا فضيلة الشيخ أنا إنسانة متزوجة حديثاً، وعن حب، ومن أسرة عريقة نشأنا على الدين ومكارم الأخلاق.. قلت ما شاء الله تبارك الله، ربنا يزيدك تقوى وإيمان.. واصلت حديثها وقالت.. سكنت مع زوجي في حي بعيد من حينا الذي ترعرعت فيه، وقلت خيركم الذي يبدأ بالسلام، فزرت من هذا المنطلق جميع جاراتي، وهن جميعاً شابات طيبات للغاية، ومجموعة من الأسر السودانية الأصيلة، التي تعتز بمجاورتها، ولكن لسوء الحظ جارتي الأقرب خدعني حلو كلامها وترحيبها، فكررت الزيارة لها، وكررت الزيارة لي، ولكن بدأت تظهر على حقيقتها عندما بدأت تلمح لي بأن الزواج عبارة عن ملل، والأزواج منغمسون في الوظائف لا نكاد نسمع منهم كلمة تشبع غرورنا.. واصلت حديثها وأنا في منتهى الذهول، ولكن حاولت أن أبين لها اهتمامي لتواصل وتظهر لي على حقيقتها، قالت.. «والله أنا أسع ما بقيت مبسوطة إلا بعد ما اتعرفت على شاب صار يكلمني بالتليفون، ويعبر لي عن نار الهوى التي يحس بها تجاهي، فالعاشق ليس كالزوج، فهو ينقلك الى عالم جميل تفتقدينه، فيشعل فجأة ناراً انطفأ لهيبها بعد الزواج، قالت.. قابلته مرات برفقة بعض من أصحابه فهو عاشق متيم بي رغم أنه يصغرني.. الرفقة خير وأنا أعرض عليك أن نمشي معاً في هذه الدروب، وسري وسرك في بئر.. قلت لها دعيني أفكر فأنا ما زلت جديدة في الحي وانصرفت عنها ولن أعود لزيارتها ما حييت. قلت لِم لم توبخيها على فعلتها هذه، وتعظيها وتذكريها بالله عز وجل وحساب يوم القيامة- قالت صراحة يا فضيلة الشيخ أنا خفت منها أن تغضب مني وتتلسن عليّ بما لا أحب، فقلت كفى الله المؤمنين شر القتال، بعد ذلك صارحت زوجي بكل ما حصل ليس لتشويش صورتها أو لاغتابها، لكن لأني تعودت على أن أصارح زوجي بكل صغيرة وكبيرة لتمتين الثقة التي بيننا، وأنا والله العظيم منذ أن خلقني الله عز وجل ووعيت بهذه الدنيا لم أقرب من اي حرام يغضب علي الله عز وجل، حتى ولو بمجرد التفكير، والحمد لله ربي أكرمني بزوج يحبني وأحبه، ويثق فيي واثق فيه، ولعلمك يا فضيلة الشيخ أننا نتبادل التليفونات بين كل مرة وأخرى حتى نزداد اطمئنانا وحبا وثقة- عرفت جارتي أن انقطاعي عن زيارتها وتحاشي الالتقاء بها أنني لم أقبل بما دعتني له، ويعني ذلك إني غير راضية عن سلوكها، وأظنها خافت وقالت خير وسيلة للدفاع الهجوم العنيف، بدأت تشن علي حرباً بلا هوادة بالافتراء علي كذباً، بل وصل بها الأمر الى حد انها بدأت تقول إن هناك شاباً يجئ بعربته الى بيتي بغياب زوجي، وتكذب وتقول إنها رأتني بصحبة شاب في أحد الفنادق، صارحت زوجي بما بدر من عداوتها لي وتلسنها علي، فاقترحت عليه أن نرحل من ذلك الحي، ولكن تعذر بأن ظروفنا لا تسمح، خاصة وأننا للآن نسدد فيما صرفناه على زواجنا.. وقال لي أنت حساسة أكثر من اللازم أنا أثق فيك واخترتك شريكة لحياتي عن حب، وكل يوم يزداد حبي لك أكثر فأكثر، ولن تبدد هذه الجارة الخبيثة ثقتي فيك مهما حاولت، قلت لها الحمد لله، والله هذه خطوة جميلة كونك صارحتي زوجك أفضل من أن تصله تلك الاشاعات البغيضة، قالت يا فضيلة الشيخ نحن كسودانيين لا نقبل أي كلام في أمهاتنا واخواتنا وبناتنا وزوجاتنا، فالعرض عندنا مقدس أنا أخاف أن يغضب زوجي فيرتكب بها ما لا تحمد عقباه، وصدقني أنا أصبحت لا أنام الليل ولا النهار خوفاً من أن تهدم هذه الجارة الملعونة بيتي من شدة حقدها علي، وكأني أنا التي دفعتها الى هذه الطريقة القذرة، سألتك بالله يا فضيلة الشيخ أن تساعدني في الحفاظ على بيتي وزوجي وطفلي الذي ينبض فرحاً من داخلي، أرني المخرج أستخر لي ربك أن يبين لي المخرج قلت: لا تخافي إن الله معك وإني والله جد فخور بك وبمعرفتك، وأن الله عز وجل لابد أنه ناصرك، لأنك رفضتي ان تنقادي الى مجارف الشيطان إن شاء الله غدا نلتقي ونطلب من اللطيف الخبير أن يبين لنا مخرجاً لك.. عندما زارتني غدا قلت لها من توكل على الله فهو حسبه عليك أن تقولي دائماً حسبنا الله ونعم الوكيل ما تيسر لك، ثم قولي «يا خفي الالطاف نجنا مما نخاف» واصبري على جارة السوء، ثم تجنبي الخروج من المنزل إلا برفقة زوجك مهما كانت الظروف، والزمي صلاتك وبيتك واسعدي هذا الزوج العظيم الذي أكرمك الله به.. انقطعت مني زمناً وأنا متأكد من نصر الله لها فقبل أسبوع أتت لزيارتي هي وزوجها وتحمل طفلاً جميلاً كالقمر- حفظه الله ورعاه- باركت لهم ذلك الطفل وقلت اللهم كبره لا يتيماً ولا لئيماً وقر به أعين والديه، ثم قلت أين ذهب الأعداء، قالت إنها قد وقعت في شر أعمالها فضبطها زوجها وهي في مكالمات غرامية مع أحد الشباب، فذهب ببلاغ من الشرطة، وسمع مكالماتها لمدة السنة.. فطلقها بالثلاث وأخذ أطفاله بالمحكمة، وعلمت أنه قد تنكر لها ذلك الشاب، ونبذتها أسرتها والمجتمع، قلت ذلك جزاء الظالمين. الحمد لله على ذلك المخرج والى اللقاء في مخرج جديد. قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا» سورة الطلاق الآية (2)