خلصنا ا لإثنين الماضي إلى الإجابة عن سؤال الولد الشقي عن كيف تعذب أو تنعم العظام الرميم في القبر واليوم نجيب عن سؤاله كيف تكون الملائكة والجن، بيننا ولا نراها؟! سألته: هل تشاهد التلفزيون؟! قال: نعم. قلت وترى فيه الناس يتكلمون ويتحركون ويتقاتلون ويعملون.. قال نعم. قلت له: هذه الصور التي تراها للناس والحيوانات والنباتات والمركبات والأجهزة والبحار والأنهار والجبال.. الخ كلها مبثوثة وموجودة في الفضاء ولكنك لا تراها بدون التلفاز.. إذن هي موجودة وأنت لا تراها.. ذلك لأن بصرك محدود ويرى بشروط معينة وما خرج عن هذه الشروط فإنك لا تراه.. تماماً مثل أصوات الإذاعات فكلها مبثوثة وموجودة في الفضاء، ولكن لا تسمعها إلا إذا أدرت مؤشر الراديو ليدخلها في مدى سمعك وهناك نوعان من الأصوات لا تسمعها : نوع أعلى من مستوى سمعك كالإنفجارات الكونية الضخمة ونوع أدنى من مستوى سمعك كأصوات هذه الإذاعات المبثوثة في الفضاء.. وأحسب أن صور الملائكة والجن هي أعلى أو أدنى أو أعلى وأدنى على التوالي من مستوى بصرنا لذلك فهي موجودة ولا نراها ومثال آخر إذا كان لديك طائر ضخم في يدك وكنت ممسكاً به كحقيقة ماثلة في كل حواسك ومداركك ثم أطلقته وطار في الفضاء وابتعد عنك فإنه كلما ابتعد صغر حجمه (في نظرك) حتى يصل إلى نقطة يختفي فيها تماماً إذا جاء شخص آخر في هذه اللحظة ووقف بجانبك وأشرت له إلى الفضاء حيث النقطة التي تلاشت فيها صورة الطائر الضخم وقلت له هناك يوجد طائر وهو طبعاً لم يره مسبقاً ولا يستطيع أن يراه الآن فإنه إن كان يثق بك صدقك وإلا كذبك ولكن تظل حقيقة أن هناك طائر ضخم حيث أشرت هي حقيقة لا يغيرها تصديقه أو تذكيبه. إذن ما بين صور الفضائيات المبثوثة التي لانراها إلا بعد إدخالها في مدى بصرنا وأحسب أنها أدنى منه وبين صورة ذلك الطائرة الضخم الذي إبتعد واختفى والتي يمكن أن نراها بنوع معين من التليسكوب، والتي أحسب أنها أعلى من مدى بصرنا.. فما بين هذه وتلك تتوزع الصور الموجودة معنا في الكون ولا نراها.. والله أعلم. وخواتيم مباركة