اليوم الجمعة الثالث من رمضان ويزداد فضلها بشهر الصوم والصيام من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله ويجزل عليها الله سبحانه وتعالى الأجر والثواب مما يعطي على غيرها من الطاعات . والصيام فيه مجاهدة للنفس فالجوع دواء للنفس في كثير من حالاتها ولذلك يرى العلماء إن رافق الصوم توسع كثير في الأكل ليلاً لم يؤد الغرض منه والحكمة في فرضه على المسلمين خاصة وأن الأكل والشرب في الدين الإسلامي بالغرض الذي يُقيم أود الإنسان والإسراف فيه حرام بنص القرآن الكريم « وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المُسرفين » وتؤكد ذلك السنة النبوية فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول « بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يكن فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» . رأيت خلال الأيام الثلاثة التي سبقت بداية رمضان إقبالاً وشرهاً على محلات بيع الأغذية يشتري الناس كل معروض من المأكولات وبكميات كبيرة واستمر الحال كذلك حتى نهار اليوم الأول من رمضان . ومن المفارقات أن هذا الإقبال يتم والسوق ترتفع كل صباح ولا تفسير لهذا الارتفاع إلا زيادة الطلب فكلما زاد الطلب على سلعة ما زاد سعرها وهذه من المسلمات والبديهيات التي لا يختلف عليها الناس . كيف كان حال السوق لو لم يزد الطلب ولو استلهم الناس الحكمة من فرض الله سبحانه وتعالى وكتابته الصوم على المسلمين بمجاهدة النفس في الأكل والشرب وشهوة الجسد وشهوة النظر المستدام وغيرها مما شرعه الله من حرمات لنهار الصائم. لقد فوّت الناس فرصة هزيمة السوق بالدخول في صيام شهر وقد استلهموا الحكمة من صومه في ترشيد مشترياتهم بإقامة الأود وليس بالبحث عن مطلوبات التخمة فالكثير مما يعرض في الأسواق وبأسعار خرافية يمكن أن يستغني عنه الصائمون لقلة ساعات الأكل والشرب في ليله ولطول ساعات صيام نهاره. ما يحدث من كثير من الناس في أسواقنا خلال هذه الأيام يهدم الحكمة من الصيام ويقوي غيلان السوق التي لا تجد بيئة ومناخاً صالحاً لسحق الناس في الأسواق إلا عند حالات الجزع والهلع والشره. عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم إني صائم . والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . إنّما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي فالصيام لي وأنا أجزي به كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به» . جمعه مباركة.