أخي عبد العظيم بعد التحية والسلام من عند الله العلي القدير أعذرني إن اقتحمت عليك خلوتك وسط الأوراق الكثيرة والمبعثرة والتي تطلب إذناً يكفل لها التواجد على صفحات عروستنا «آخر لحظة»، أما أنا فلا أملك سوى طلب تمنحني به قدراً قليلاً من سماحتك ولطفك إن أفردت لي مساحة عمودك لنشر مداخلة تخص موضوعك الحيوي (شهادة نجاح) بموقعك على الصحيفة بتاريخ الأربعاء 5/9/2012م. إن موضوع صندوق النقد الدولي والإلمام بكل جوانبه فرض عين على كل شعوب العالم الثالث.. ولقد شدني هذا الموضوع بعنف حتى ما كدت أفرغ من قراءته إلا وأمسكت بيراعتي(أصل هذه الكلمة التأنيث لا التذكير).. الضنينة بالكتابة إلا في تلك الموضوعات التي تتناول الاقتصاد.. فتجدني متململاً حتى أبدي رأياً فيما كتب.. ليس لأنني أحد قدامى خريجي هذا العلم.. بل إن رغبتي الزائدة وشوقي الدائم لمعرفة خباياه عن طريق متابعة تطوره كل ذلك يجعلني أكثر استعداداً في البحث والتقصي عن جديد هذا العلم والمساهمة كذلك بالكتابة إن اقتضى الأمر. أعود لموضوع صندوق النقد الدولي والذي تحكي ظروف وملابسات نشأته بعد الحرب العالمية الثانية عن مآله ومن هم مؤسسوه؟ ولماذا أسسوه؟.. الإجابات تشير كلها بوضوح إلى الدور الذي يجب أن يلعبه في العالم بعد مرحلة تقسيم العمل الجديدة بين الدول الصناعية والرأسمالية الغنية والدول النامية والمتخلفة الفقيرة.. ولقد شهد العام 1944م نقطة انطلاق اتفاقية بريتون وودز والتي تم التوقيع عليها من قبل الدول الرأسمالية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي في إطارها تم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ولما كان النظام المتبع في العلاقة بين عملات الدول الرأسمالية هو نظام قاعدة الذهب والذي بموجبه ربط الدولار فقط بالذهب.. إلا أن الأزمات المتلاحقة دعت الدول الأخرى بمبادلة الدولار بالذهب.. وخوفاً لمزيد من الاستنزاف للذهب قام الرئيس نيكسون من أجل المحافظة على هذا المعدن.. بالخروج عن هذه القاعدة.. فأصبح الدولار هو المعادل الوحيد لبقية العملات العالمية.. وبذلك انهار النظام الأساسي الذي بموجبه تم إنشاء صندوق النقد الدولي.. فأوكلت له مهمة أخرى أن يقوم بسداد بعض القروض للدول النامية والمتخلفة في حصص الدول المؤسسة.. ولم يكن ذلك هبة من الدول الرأسمالية.. بل كان نتيجة لتصاعد احتجاجات الدول الفقيرة ومطالبتها الدائمة للدول الرأسمالية بالتعويض عما لحق الدول الفقيرة من نهب وسلب لثرواتها من الدول الاستعمارية وشبه الاستعمارية.. لذلك فالصندوق هو أحد أدوات الدول الاستعمارية بعد أن نالت معظم الدول استقلالها وهو الذي يتدخل في اقتصاديات الدول الفقيرة ولكن لصالح الدول الغنية.. إذ أنه يقدم وصفات لنموذج تنمية رأسمالي متهالك يمنح قروضاً تسمح له بالتدخل المباشر في اقتصاد تلك الدولة.. ليجعل من أسواقها سوقاً لتصريف منتجات الدول الرأسمالية الغنية. الأخ عبد العظيم.. هل تعتقد بأن مؤسسة (وما يحزن أكثر أنهم يطلقون عليها عالمية).. مثل صندوق النقد يمكن أن تخدم دولة كالسودان.. إن تاريخ صندوق النقد الدولي الطويل وبسياساته المعادية لاستقلاليتنا وقروضه المجحفة ذات الأغراض البينة.. لن تنفع محتاجاً ولن تشفي مريضاً.. فما من دولة سلكت مسار الصندوق.. إلا وكان التعثر والويل والهلاك مستقبلها المنتظر دون شك. بدر الدين عبد الرحيم أحمد