لن تكون الوحدة جاذبة بين الشمال والجنوب إذا لم نعمل جميعاً لجعلها جاذبة، وإذا لم نخلص النوايا ونعمل بجدية وصدقية ومسئولية لتحقيق ذلك، فهناك العديد من المسؤولين يطلقون التصريحات التي من شأنها أن تقلل من جعل الوحدة جاذبة.. وهناك أعمال متعمدة لدق أسفين الانفصال بين جنوب وشمال السودان، وهناك جهات خارجية تشجع سراً وعلانية وتدفع الأموال لكي يبقى خيار الإنفصال جذاباً، وتياره قوياً، وبريقه يخلب أفئدة وأنظار الذين لا يعلمون خبايا الغد، وتوجهات الأحداث التي يمكن أن تحدث عند إعلاء قيم الإنفصال لدولة لم تكن مقسمه منذ بدء الخليقة.. فالتاريخ يقول ذلك، والواقع يؤكد ما خلفه لنا تاريخ هذا البلد الكبير والحضارات والممالك التي نشأت مع ضفاف نهر النيل العظيم. هناك جهات خارجية خططت أولاً لكي تكون العلاقة بين الشمال والجنوب سيئة، وذلك أولاً برسم خط فاصل بينهما، وبث الدعاية المشوهة لصورة أهل الشمال عند أهل الجنوب، ثم منع التداخل الطبيعي بين القبائل والشعوب التي تعيش على الطبيعة، ثم القيام بتلقين بعض أطفال الجنوب وتعليمهم ثم تسليمهم ودفعهم للتمرد وحمل السلاح في وجه الحكومات المركزية في الخرطوم، ومطالبتهم بحق تقرير المصير، والتلويح بالإنفصال.. وبكل أسف مضى المخطط الإجرامي الصهيوني كما أراد المخططون.. واستمرت الحرب في السودان لنصف قرن كامل، وليس لعقدين فقط كما تم الترويج، لأن جميع الحكومات التي تعاقبت على البلاد ظلت ترفض تلك المطالب المصنوعة، والتي تهدف إلى تجزئة أرض الحضارات. تلك القوى استغلت الآلية الإعلامية الضخمة وصارت تروج للانفصال إنابة عن أهل السودان، وصرنا نحن وأصدقاءنا في أفريقيا والعالم نتعامل ونتعاطى تلك المعلومات المعدة بعناية، ومع صياغات الأخبار، كما أرادوا لها أن تكون حتى تحولنا وتحولت إذاعاتنا وقنواتنا الفضائية إلى ببغاوات تردد تلك المعلومات والأخبار بذات صياغاتها، وذات مراميها ومدلولاتها دون أن يدرك أبعادها وأهدافها ومراميها.. وصار صوت العقل والحقيقة خافتاً بحكم رياح التدفق الأخباري من الشمال إلى الجنوب، وصار الحوار مثل حوار الطرشان، بحيث أننا نريد سوداناً واحداً ونردد الأخبار والتقارير ذات الأجندة الخفية، والتي تُعد من قبل خبراء ومختصين تشكلت قدراتهم على قلب الحقائق وتصوير القبيح جميلاً والعكس، فمتى نستفيق ومتى ندرك أننا نعمل لغير صالح أوطاننا وشعوبنا ومصالحنا. في اللقاء الحاشد لأهل دارفور بالخرطوم، كان البشير واضحاً وحاسماً في وضع النقاط على الحروف، بأن حدد للقوى والمنظمات الأجنبية أدوارها واختصاصاتها.. ومن تمتد يده فوق ذلك فلن يسلم من الحسم إما بالطرد أو بالطرد.. ولا بديل آخر سوى الطرد من البلاد.. فكفى إيذاء لهذا الشعب الذي لا ذنب له في كل ما يحدث، من صنع الصهيونية العالمية وأذرعها المتعددة وأشكالها المختلفة.. فالأممالمتحدة لم تبعث إلى دارفور من مبعوثيها الخاصين إلا اليهود من كل الأجناس، ومن يريد أن يغالط هذه الحقيقة فليعد قراءة اسمائهم وليبحث عن أصولهم. وأمريكا لم تبعث كذلك إلا من ذات الشاكلة، ودونكم القائمة ذات الواحد وخمسين اسماً التي أعدها دانفورث قبل عدة سنوات، عندما كان المبعوث الخاص.. وسلوكه الذي استهجناه في ذلك الوقت.. أما تصرفات قوات اليونميد والقوات المشتركة ففيها تجاوزات كبيرة وعديدة تضعهم تحت طائلة الخيانة لرسالتهم التي جاءوا لأدائها، وفيها تآمر على السلطات الرسمية، ودعم للمتمردين في العديد من الصور أهمها تسليح المتمردين بتركهم ينهبون قوافلهم عمداً والإدعاء بأنهم تعرضوا للنهب المسلح!؟ والأمثلة والنماذج عديدة ومسجلة ومحفوظة سيأتي اليوم الذي تنكشف أدوار الأممالمتحدة في تهديد واستهداف أمن واستقرار وسلام ووحدة بلادنا.. وكان آخر المؤامرات حمايتهم لحملة السلاح والمتمردين بمعسكر كُلمة بمنطقة جنوب دارفور ضاحية نيالا.. وبعد كل هذا يطلقون التصريحات بأن السلطات السودانية منعتهم من دخول معسكر كُلمة!! والتقارير الخبيثة التي تهدف إلى تشويه صورة السودان أمام المجتمع الدولي.