نظام الحزب الواحد في أمريكا والحزب الواحد في الصين العديد من الكتاب والصحفيين الامريكان قد قارن بين أمريكا الحزب الواحد والصين أيضاً ذات الحزب الواحد بالرغم من أن أمريكا ذات حزبين ديمقراطي وجمهوري الا أن الحقيقة أمريكا تعيش أيضاً قضية الحزب الواحد ففي مقال للصحفي والكاتب الامريكي توماس فريدمان تحت عنوان(ديمقراطية الحزب الواحد) في صحيفة نيويورك تايمز يقول كما لا شك فيه أن دكتاتورية الحزب الواحد لها جوانبها السلبية، ولكن اذا قادتها مجموعة من الحكماء المتنورين، كما هو الحال في الصين اليوم، يصبح لها منافع عظيمة كذلك، حيث يستطيع هذا الحزب الواحد أن يفرض بعض السياسيات ذات الصعوبة السياسية التي لها أهمية قصوى في تقدم المجتمع في القرن الحادي والعشرين، وبالتالي فإن محاولات الصين اللحاق بنا في مجالات تصنيع السيارات الكهربائية، والطاقة الشمسية، وفعالية الوقود، والبطاريات، والطاقة النووية وطاقة الرياح ليست من قبيل المصادفة. كما يدرك قادة الصين أنه في عالم من الانفجارات السكانية، ومع زيادة حجم الطبقة الوسطى في الاسواق الناشئة، فإن الطلب على استخدام الطاقة النظيفة والحرص على فعالية الوقود سوف يتزايد وبالتالي فإن الصيني حريص على الحصول على امتلاك تلك الصناعات، وهي تصنع بالفعل السياسات التي تمكنها من فعل ذلك. وديمقراطية حزبنا الواحد هي الأسوأ، فالحقيقة أنه يوجد لاعب واحد فقط في ما يتعلق بتشريع الطاقة والمناخ، أو في ما يتعلق بتشريع الرعاية الصحية، وهو الحزب الديمقراطي، حيث يقف الحزب الجمهوري عاقداً ذراعيه وهو يقول لا ويرغب الكثير منهم أن يفشل أوباما، يا له من ضياع، فالرئيس أوباما ليس عالم اجتماع، بل وسطي، ولكنه اذا أضطر الى أن يعتمد كلياً على حزبه لكي يمرر التشريع، فسوف ينهزم على يد الفصائل المتصارعة بداخله. ورغبة الكثير منهم أن يفشل أوباما. ويقول جو روم الصين سوف تأكلنا وتأخذ وظائفنا في مجال الطاقة النظيفة. وهي الصناعة التي اخترعناها. وسوف يقدمون بعمل ذلك من خلال اقتصاد يعمل وفق خطط، وهو ما نفتقر اليه ولا نرغب فيه. فالطريقة الوحيدة التي نستطيع بها مجاراتهم هي وضع معايير قابلة للتجديد لتنشيط القطاع الاستثماري الخاص في التكنولوجيا النظيفة. وهو ما يصعب تحقيقه من خلال ديمقراطية الحزب الواحد، وينطبق ذلك على الرعاية الصحية. إن تنظيم الحزب الواحد يقوم على مبدأين رئسين الأول هو مبدأ القيادة الجماعية التي تعني عدم إنفراد شخص واحد بالحكم والثاني مبدأ المركزية الديمقراطية التي تعنى تكوين كل تنظيمات الحزب من القاعدة ال القمة بواسطة الانتخابات ومشاركة كل الأعضاء في مناقشة تنظيمات سياسة الحزب وقراراته مع خضوع الاقلية لرأي الاغلبية. فمعيار الديمقراطية هنا ليس عدد الاحزاب السياسية او معارضة وانما المدى الذي تساهم فيه جماهير الشعب في الحكم من خلال لجان الحزب المنتشرة في البلاد. قضية الحقوق المتكافئة مسألة غير واردة لأنه لا يوجد أساس اجتماعي لها، بالإضافة الى أن تعدد الاحزاب في الديمقراطية الليبرالية لا يحقق المساواة الواقعية بين الأفكار لأن الذي يملك أجهزة التأثير على الرأي العام هو الذي يملك التأثير الايدلوجي( وفي أمريكا فهؤلاء هم أصحاب المال الذين يملكون الاعلام والثقافة) وهذا يجعل من حرية الفكر في ظل الديمقراطية الغربية شكلاً بغير مضمون حقيقي من وجهة النظر الصينية. ويقدم النموذج الصيني مبرراً يتعلق بأن الحزب الواحد يستطيع في ظل الثورة الدائمة ليس فقط ان يحقق خطوات سريعة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية في فترة زمنية قصيرة ولكنه كذلك يجعل من التنمية عملية شاملة في اطار ايجاد وتنمية الانسان المتقدم والمنتج فاذا كان أحد اهداف الحزب الرئيسة العمل على تحقيق الرفاهية المادية فان ذلك يجب أن يتم في ظل تنمية الانسان وتشجيعه على التحقيق من قواه وطاقته الخلاقة فالتنمية من هذا المنظور لا قيمة لها إلا اذا تقدم الجميع في وقت واحد بحيث لا يترك أحد أو يتخلف أحد سوآءا اقتصادياً أو حضارياً والتقدم السريع لا يتحقق الا أذ تحققت تنمية وتقدم كل فرد من المجموع وهذه هي مهمة الحزب الذي يعمل على دفع الجماهير الى نبذ الانانية والاستعاضة بالحوافز المعنوية مما يقود الى تفجير طاقات الحماس وتصبح مشاركة الجماهير حقيقية من خلال لجان الحزب في اتخاذ القرارات أداة لتزويدهم بالمعرفة الكفيلة بتحويل الطاقات الكامنة الى طاقات منتجة حيث تزداد رغبة العاملين في العمل المنتج وتزداد نسبة العمل التطوعي لتحقيق اهداف المجتمع وذلك من خلال ارتفاع مستوى وعيهم وزيادة معرفتهم واحساسهم بالعالم المحيط بهم. ومنذ تأسيس الصين الشعبية في عام 1949م تحت قيادة حزب سياسي واحد، شملت التغيرات في السياسات الحكومية أوسع نطاق ممكن، بدءاً ب تحالف الديمقراطية الجديدة في بداية عملية اصلاح الاراضي اوائل خمسينيات القرن الماضي، ومن القفزة الكبرى الى خصخصة الاراضي الزراعية في الستينيات، ومن الثورة الثقافية الى إصلاح السوق في عهد دنغ جياوبينغ، واعادة تعريف جيانغ ذيمين للحزب من خلال نظرية التمثيلات الثلاثة، لتكون النتيجة هي صعوبة التفريق بين السياسة الداخلية للصين من فترة الى أخرى. أما اليوم فالصين تتحرك مستقلة وتسعى لعالم متعدد الاقطاب. وهذا رغم تولي عدد من الزعماء قياداتها. إن سجلات الانظمة الانتخابية في جميع أنحاء العالم تشير الى أن التناوب الحزبي عبر الانتخابات قد لا يوفر المرونة اللازمة أو التصحيح الذاتي. ففي الولاياتالمتحدةالامريكية قد تسفر الانتخابات عن رؤساء جدد واغلبية جديدة في الكونغرس، لكنها لا يبدو أن لديها الكثير لمواجهة مشاكل امريكا على المدى الطويل. أما في أوربا فالحكومات تذهب وتأتي بانتظام عن طريق الانتخابات ولكنها لم تنتج الحد الادنى من التصحيح المطلوب لمعالجة مشاكلهم الضخمة. والشي ذاته في اليابان التي تشهد رئيس وزراء كل سنة وفشلت الانتخابات والتناوب في اخراج البلاد من الركود المستمر منذ عشرين سنة. وربما هذا يفسر سبب حصول الحكومات التي تنتجها انتخابات على أقل من 50% من نسبة التأييد في بلدانهم، بينما حظيت حكومة الحزب الواحد في الصين على معدلات تأييد تتجاوز 82% على مدى عقود. التناوب الانتخابي لن يحصل بالضرورة على الشرعية والمرونة اللازمة. كما أن نظام الحزب الواحد لا يعني بالضرورة أنه جامد ولا يتمتع بالتأييد الشعبي. نواصل،،،،،