كثيرون وأنا منهم بتنا نتهرب من مشاهدة نشرات الأخبار التي ما عادت تحمل في أكثرها إلا الأخبار الحزينة والمؤلمة، والصور المخيفة لقتلى وجرحى، ومحاولات إغتيال هنا وهناك، آخرها أحزنني بل وأغضبني هو محاولة إغتيال الطفلة الأفغانية الجميلة «لا لا» وصوت التطرف والديكتاتورية الطالباني يخرسها برصاصات قاتلة، كادت أن تغتال براءتها، لكن يد الله كانت هي العليا وكلمته هي المسموعة فنجتها.. أدعو الله في كل صلواتي أن يتم لها عاجل الشفاء.. أما الصور القادمة من سوريا فهي أقل ما يقال عنها دون موازنات سياسية أو انحياز للنظام الحاكم هناك أو المعارضة، أقل ما يقال عنها أنها جريمة ضد الإنسانية، والمئات والآلاف من الضحايا قضوا نحبهم دفعاً لفاتورة الباحثين عن السلطة والكراسي، حتى لو كانت ممهدة بجماجم الصغار وأجساد الأبرياء، والصحف ذاتها لم تخرج من هذه الدائرة، وهي تنقل الأحزان أخباراً مفجعة من شاكلة حوادث الطرق وحوادث الطيران، والأخيرة تسبب لي حساسية مفرطة، لأن تكرارها بذات الأسباب فيه امتهان لكرامة وحقوق الإنسان السوداني!! وسط هذا الركام من الأخبار المؤلمة التقطت عيناي خبراً صغيراً أوردته صحيفة الدار الزميلة المحترمة، تفاصيله أن رجل الأعمال والرياضي المعروف أشرف الكاردينال قد أنعم الله عليه بنعمة الشفاء، بعد نقل عملية كلية إثر إصابته بالفشل الكلوي.. والخبر ربما يبدو عادياً، وقد يتبادر إلى الذهن أن الرجل المليونير أشترى كلية من أحدهم لينقذ حياته، لكنني تفاجأت حينما علمت بأن الرجل رفض أن يستغل حاجة أحدهم- وهؤلاء كُثر- ويشتري كلية فكانت المتبرعة هي شقيقة زوجته، وعند محراب هذه السيدة التي لا أعرف حتى أسمها دعوني أعزف لحن الإنسانية، حين أصرت أن تنقذ حياة الرجل وتتبرع هي رافضة دخول شقيقتها غرفة العمليات، لأن لديها أطفالاً صغاراً في رقبتها ومجرد دخولها للتبرع لزوجها قد يضعهما في دائرة الخطر، ولربما يفقد الأطفال والديهما معاً- لا قدر الله! ففضلت في إنسانية وعدم أنانية هذه الأيام أن «تفدي» شقيقتها وتنقذ زوجها.. صدقوني بقدر ما أن القصة بسيطة- ربما عند البعض- إلا أنها لامست في داخلي وتراً حساساً وأنا أسمع عن قصص يندى لها الجبين من علاقات أسرية مفككة، وصراع مصالح جعل «الخوة» في خبر كان ! أنا استغرب مثلاً أن يخاصم أخ أخاه أو يحقد شقيق على شقيقه، أو أن يعيش شخص مترف وأقرب المقربين إليه فقراء لا يجدون ما يسدون به الرمق، فيستكثر عليهم المال الزائل، لكن في المقابل هناك من يمنح بل ويجزل في المنح، وعطاؤه هذه المرة ليس مالاً لكنها قطعة غالية من جسده.. فالتحية لهذه السيدة السودانية المحترمة والتهنئة للسيد أشرف وأدام الله عليكم نعمة العطاء العائلي والثراء الإنساني، الذي هو أقيم وأغلى من عشرات المصانع وملايين الدولارات. كلمة عزيزة: أفتى مجلس الفقه الإسلامي بجواز الإستدانة لشراء خروف الأضحية «حلو» طيب من وين حيفك هذا الدين اللهم إلا بالاستدانة أخرى أو دخول السجن، لكن هذه المرة ليس لحين السداد ولكن لحين «الهضم» وكتروا الشربوت!!. كلمة أعز: شكراً لكل الذين أتصلوا مشيدين بزاوية أول أمس «يابلدي ياحبوب» عن حلايب وشلاتين ونحن قلنا العلينا وحكومتنا بتسمع وحلايب أرضننا ومش حنفرط فيها!؟