أكتب لي يا غالي «الخروف».. مع اقتراب عيد الأضحى المبارك دخلت الأسر السودانية في مراحل هوس الخراف، التي وصلت أسعارها لأرقام خرافية فاقت الألف جنيه، في ظل التقشف الذي يسود البلاد مع ضعف الأجور لمعظم فئات المجتمع، وكأن الخراف بذلك ترفع شعارها وتردد للمواطنين «أسعاري المست غرورك وفرقتنا يا حبيبي»، وتركت لسان حال المواطن يردد «حاجة آمنة اتصبري عارف «الخروف» غالي شديد وعارفك كمان ما بتقدري»، ولكن الأطفال يمثلون عامل ضغط رهيب على الآباء، لأن فرحتهم بالعيد لا تكتمل إلا بوجود السيد الخروف، وتركوا الآباء في حالة من الشد والجذب لاحضاره لهم مجبورين مرددين «أسعارو بعيده بعيده.. مكتوبه عليّ وبشتريها» فرغم ارتفاع الأسعار لا يوجد مفر منه لارضاء الأطفال- رغم ضيق ذات اليد- وارتفعت أصوات الهمس بدواخل الآباء لتقول «خروفي البي حالي ما هو داري جافاني»، ويخيل اليهم وكأن الخراف ترد عليهم وتقول لهم «ما كنت عارف.. يا ريت كنت عارف.. «جيبك» عني صارف»، والأسر وكأنها تستمع لحديثهم هذا وترد عليهم «السمحة يا نوارة فريقنا.. يا الخروف يا النشفتنا ريقنا»، فالأسر ما زالت حتى هذه اللحظة تنظر للخراف بعين المتفرج، وهي تجوب شوارع العاصمة وتردد «الخروف حبيبي.. اداني تحية.. دموعي سالت.. والمنام ابا لي أنا»، وكلهم شوق وترقب بأن تنزل تصريحات السيد والي ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر بأن الخراف لن يفوق سعرها ال«005» جنيه، ويترقبون أسعار الوعد، ولكن إذا لم تنزل الأسعار إلى هذا الرقم فليس أمامهم إلا فتوى العلماء بشراء الخراف بالأقساط وتحمل أقساطها طوال شهور قادمات على حساب مسلتزمات أخرى.. وهنا كأن الخراف تشجعهم على هذه الخطوة وتقول لهم «كلمني حاول حس بي.. «اشتريني» وارمي اللوم عليّ.. «اضبحني» والكائن يكون»، وتركت الأسر في حيرة من أمرها لتردد «منو الهسه بقدر.. يحدد مصيري ومصيرك»، خاصة وأن الأضحية جاءت في ظروف اقتصادية صعبة جداً وأقلقت مضاجعهم ومنامهم من أثر الضائقة المالية مرددين «أنا في نومي بتقلب خروف العيد تلب».. فلم تجد الأسر إلا الصبر والانتظار عما تسفر عنه الأيام القليلة القادمة، بتحديد أسعار مناسبة للخراف، ولم يجدوا خلاف هذه الأبيات من درر الغناء السوداني للتعبير عن أوجاعهم، هذا بالطبع مع الاعتذار لأصحاب هذه الأغنيات.