إلى متى نمارس التقانة التي ينتجها الآخرون.. ونحن الآن نحاصر؟ سؤال وجيه وجهه الدكتور عيسى بشرى وزير العلوم والاتصالات في حفل توزيع مئات الحواسيب المحمولة(لاب توب)، بوزارة التنمية البشرية بولاية الخرطوم، وقال الوزير في الحفل الذي أُقيم قبل أيام: إن السودان سيتجه لإنتاج البرمجيات.. وأضاف لو كنّا ننتج هذه البرمجيات لما اختُرقنا، ولما تعطل افتتاح سكر النيل الأبيض بسبب السوفت وير..! و أزيد من عندي على كلام الوزير بأننا نحن الأكثر عرضة لكل مثالب ومقالب الإنترنت، والجرائم الإلكترونية التي تطال الدول والأشخاص.. وفي لقاءٍ آخر في مناسبة أخرى، أكد الوزير عيسى بشرى أن السودان يسعى لإنتاج خام السيلكون والاستفادة منه في الإلكترونيات وصناعة الزجاج.. والشاهد أن سؤال الوزير والحفل نفسه ودعوته لإنتاج البرمجيات والحديث عن إمكانيات السودان الهائلة في مجال المعادن يفتح الباب لكثير من التساؤلات والتداعيات.. وباباً للأمل أيضاً.. لقد بات اعتماد العالم كله على التكنولوجيا والإلكترونيات والفضاء و الإنترنت- خاصة- اعتماداً كلياً، وتتأثر أي منطقة في العالم الأول أو الثالث بأي عطل أو أي خطر داهم يقع على الإنترنت.. ولعل العطل الذي حدث قبل أيامٍ لموقع قوقل في عدد من قارات العالم أزعج مستخدمي الشبكة العالمية على مستوى الكرة الأرضية.. حيث أن أعداداً هائلة من البشر لها حساباتها الخاصة في الفيسبوك وتويتر وغيرهما بنسب متفاوتة، فهي تتأثر بشكل سريع بأي عطل يحدث، وإذا كان تباطؤ سرعة الإنترنت أصبح يُحدث حالة من الضجر لدى المستخدمين، فما بالك بعطل جزئي أو شامل..! ولعل المحاولة التخريبية الأخيرة على الموقع الإلكتروني لشركة أرامكو السعودية، ومن قبلها فشل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض لعطل في السوفت وير، يقرع ناقوس الخطر بشدة قرعاً متواصلاً للتنبيه على ما يحدث من جهود حثيثة وجادة، وخطرة لتخريب منشآت حيوية على مستوى العالم خاصة في الشرق الأوسط، وفي الدول الإسلامية والعربية خاصة.. وخلال السنوات الماضية تعرضت جهات حكومية في السودان وفي عدد من دول العالم لاختراقات متفاوتة الخطورة، ولم تنجُ منها الولاياتالمتحدة نفسها، على مستوى البنتاجون.. حيث إن القراصنة (الهاكرز)لا يهدأ لهم بال ولا تلين لهم قناة من أجل الاختراق والتخريب، وماتزال الحرب مستمرة ومستعرة مع القراصنة لوقف تلك الاختراقات، ولكن دون جدوى.. إن الاجتهادات التي تقوم بها إيران لكي تؤسس لانترنت إسلامي أو انترنت خاص بها أمر يدعو للانتباه على مستوى البلدان الإسلامية والدول المستهدفة على نطاق العالم.. ولابد أن يكون هناك انترنت موازٍ يعمل بشكل مستمر ليعزز من كفاءة الانترنت الكوني الحالي، ويحول دون ضياع ملفات الدنيا كلها التي تسبح في الفضاء الاسفيري حول الدنيا، ولدينا عباقرة وخبراء ورواد في هذا المجال من أبناء المسلمين، لهم نصيب وافر في التطور الالكتروني الهائل الذي يشهده العالم الآن.. إن ثمة خطراً ماحقاً يحدق ويحيق بنا جميعاً ونحن مازلنا في المرحلة الابتدائية في عالم الانترنت والفضاء، وكدول نبدو متخلفين كثيراً في هذا المضمار، رغم أن عدداً كبيراً من المخترعين والمتميزين في هذا المجال من أبناء العالمين الثاني والثالث وخاصة الهند، و مع انفجار ثورة التكنولوجيا والاتصالات بداية التسعينيات بدأت الهند الأكثر اهتماماً بهذا المجال، وأخرجت كوادر خارقة وادعو عبر صحيفة آخر لحظة إلى أن نحذو حذوها ونبادر بالاستفادة الحقيقية والقصوى من تجربتها، وهي التي تقدم للولايات المتحدة أفضل شبابها ونوابغها ليحدثوا هذا الإبداع وهذه الثورة الالكترونية الكونية، وفي وادي السليكون في كاليفورنيا أعداد كبيرة من أبناء الهند ودول أخرى.. وهناك في وادي السليكون العديد من شباب الهند الذين أصبحوا أثرياء ثراء مذهلاً من مخترعات مبتكرة في هذا المجال.. وأكبر شاهد على ذلك موقع Hotmail الذي صممه موظف هندي في شركة مايكروسوفت، والذي باعه إلى الشركة نفسها بمبلغ خيالي، قيل إنه بلغ 500 مليون دولار أمريكي..! والهند نفسها تتقدم في هذا المجال بسرعة هائلة، ولعل الزيارة الشهيرة التي قام بها بيل كلينتون للهند عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، أكدت مكانة الهند في عالم التكنولوجيا، حيث استهل زيارته بمدينة حيدر آباد عاصمة ولاية انترا براديش، التي أصبحت بوابة الهند الالكترونية، والتي يدرس بها الآن أكثر من الفي طالب سوداني معظمهم في مجال التكنولوجيا والمعلومات، إضافة إلى مدينة بنغلور الجميلة التي أصبحت أيضاً مدينة ذات شأن في هذا المجال. وقد حازت المدينتان الهنديتان« حيدر اباد- وبنغلور» على شهرة عظيمة في مجال التكنولوجيا.. وتعد حيدر أباد ثاني أهم مركز لتكنولوجيا المعلومات في الهند.. وهي التي باتت توصف بأنها «محرك» صناعة تكنولوجيا المعلومات في العالم، وبخاصة في مجال البرمجيات.. حيث بلغ المعدل السنوي لنمو خدمات البرمجيات الهندية خلال العقد الماضي 28%، ومدينة حيدر اباد مدينة ذائعة الصيت عالمياً، وقد نجحت في تحقيق توأمة مع عدد من كبريات مدن العالم في الولاياتالمتحدة وأسبانيا والمانيا والإمارات وكوريا واستراليا وغيرها.. وهي مدينة تزخر بتاريخ إسلامي حافل وعرفت سابقاً بأنها مدينة اللؤلؤ.. وهي سادسة مدينة في الهند من حيث تصنيف المدن الهندية.. ويتجاوز عدد سكانها 6ملايين نسمة.. ومدينة بنغالور عاصمة ولاية كارناتاكا جنوب الهند من المدن الهندية الجميلة التي تتميز بنظافتها، وهي مدينة سياحية محببة لأهل الخليج لقضاء عطلة الصيف في ربوعها الساحرة.. يقدر عدد سكانها ب6,1 مليون نسمة تقع جنوب غرب ولاية كارناتاكا، وتعد ثالث أكبر مدينة هندية، وتعتبر مركزاً مهماً للتكنولوجيا على مستوى العالم، وتضم أكثر من 2000 شركة تكنولوجية، وقد أدخلت بنغالور الهندَ في قائمة المدن العالمية والمعروفة.. بأنها «مدينة العالم بيتا» إلى جانب مدن مثل دالاس، وميامي، وبوسطن، ومدينة الكويت، ليما وبرازيليا.. كما أصبحت تعرف بأنها المدينة الثانية في العالم التي تحمل لقب مدينة السليكون.. إنني لادعو الدكتورعيسى بشرى وزير العلوم والاتصالات وهو يستهل مشروعاً لانتاج البرمجيات أن يعزز من علاقات وزارته بالهند وبمدينتي حيدر اباد وبنغالور، وأن يُسجل لهما زيارة، وأن يستفيد من أبنائنا هناك في تعزيز ذلك الاتجاه المهم نحو صناعة البرمجيات في بلادنا.. ولدينا- كما قال الدكتور محمد عبد الله الريح قبل أيام- شباب حازوا على مناصب رفيعة في الولاياتالمتحدة في مجالات التكنولوجيا، رغم صغر سنهم وتجربتهم.. ومازال لواء الأمل معقوداً على شباب السودان في كل مكان ومجال.