يقول الشاعر الخالد شكسبير: بعض الناس يولد عظيماً والبعض يحقق العظمة وآخرون تفرض العظمة عليهم هذا صحيح خصوصاً فيما ينطبق على الدكتور محمد حسين (كسلا) ذلك لأن هذا اللاعب الموهوب لا ينتمي للفئة الأخيرة التي فرضت عليها العظمة بفضل وسائل الاعلام وبالدعاية الكاذبة الجوفاء لعبة كرة القدم جرت في عروقه منذ الصغر بل انها شكلت شريان حياته وكان حلمه أن يلعب لفريق الهلال ثم للفريق القومي السوداني وهو يحمد الله ان تحقق حلمه في كلتا الحالتين وعندما تذهب لتشاهد(كسلا) في الملعب فأنت أمام تجربة تستحق المشاهدة ترى أمام عينيك الهيمنة والذكاء والثقة والعزم والتصميم والهدوء تدعمها مقدرة بناءة غير عادية(كان كسلا يملك مقدرات استثنائية منها التحكم الممتاز في الكرة - سرعة الإنسياب والتخطيط العظيم والفكر الغريزي الذي يمكنه من المعرفة بدقة متى يحتفظ بالكرة ومتى يتبادلها مع غيره كان أيضا يتمتع بمهارة شاملة تساعده على إقتلاع الكرة من خصمه بأقل مجهود، فهو مقتصد جدًا في استعمال طاقته ولا يعني ذلك انه لا يتحرك بل انه يستفيد من كل حركة يقوم بها متحاشياً الاحتكاك البدني الا عند الضرورة القصوى أي مستعملاً ذكاءه ليوفر ساقيه(دون ريفي من أشهر مدربي أوربا وقد كان مدرباً للفريق القومي الانجليزي في فترة سابقة ثم عمل فيما بعد مدرباً لفريق الامارات الوطني ثم مدرباً لفريق النصر بدبي) وفي عام 1979 قال دون ريفي: وأريد أن أضيف أن وجود لاعب في مهارة محمد حسين(كسلا) هو عامل أساسي في الفوز هذا اللاعب يقترب جدًا من مواصفات اللاعب الكامل لما يتمتع به من موهبة خارقة وسرعة في الخطوة ومقدرة في التحكم وغريزة خاصة في التحكم وغريزة خاصة في اقتناص الفرص للتوغل والتوجه نحو المرمى أو الاتصال بأحد زملائه ليشكل خطرًا رهيباً على الفريق الآخر، وبالنسبة لسؤالك عن وضع محمد حسين(كسلا) في المقارنة بنجوم العالم فانني لا أتردد في القول بأن هذا اللاعب يستطيع ان يشرف أي فريق كبيرفي أوربا أو أمريكا اللاتينية انتهى حديث (دون ريفي) كانت تلك مقتطفات من المقدمة التي كتبها المرحوم هاشم ضيف الله في تقديمه لكتاب محطات في حياتي بقلم الدكتور محمد حسين(كسلا). لقد اسعدتني الظروف بحضور حفل تدشين كتاب د. كسلا (محطات في حياتي) والذي كان مسرحه قاعة المركز الثقافي بمحلية أم درمان لقد كانت تلك الأمسية لحظة ومحطة تاريخية في حياة د. كسلا الذي وصف جيله بجيل الابداع وهو يقبل شعار الوشاح الهلالي الجميل الذي وضعه على عنقه مشجعاً الهلال فضل الله مهدي(الصحاف) وعبد الله بله. كتاب(محطات في حياتي) كتاب قيم ومادة دسمة للاطلاع لكل الوان الطيف من القراء ففيه يحكي د. كسلا مسيرته العامرة بالمثابرة والطموحات الكبيرة والنجاحات الأصعب والأكبر اذ يحكي فيه مسيرة بدأت من الطفولة في أروما مرورًا بمدني وبورتسودان والقضارف لتنتهي تلك المرحلة بالخرطوم واللعب للهلال والفريق القومي لينتقل منها لمرحلة دراسة الطب بروسيا واللعب لنادي النصر بدبي. لقد جمعتنا صداقة جميلة أشار اليها د. كسلا في كتابه تكشفت لي خلالها عبقرية د. كسلا فهو شخص غير كل الناس حباه الله بالعديد من المواهب فالى جانب ملكاته التي لا تبارى في لعب كرة القدم فهو رسام متمكن درس بكلية الفنون الجميلة بالمعهد الفني سابقاً (جامعة السودان حالياً )وهو شاعر وأديب أريب فضلاً عن أنه موسيقي ماهر ومغني انه من نوعية الرجال التي وجدت في عصر النهضة الأوربية ولعل أكثر ما يميز د. كسلا دماثة الخلق ولين العريكة وخفة الظل فعندما تدخل في حياة د. كسلا فانك تدخل بستاناً فيه من الأزهار والورود والرياحين ما يشرح الصدر ويريح النفس ويزكي الروح وتكفي ابتسامته الآسرة التي لا تفارق شفتيه ورنين صوته الجميل المحبب وعندما كان د. كسلا لاعباً في الميادين الخضراء لم يكن أيضاً كغيره من اللاعبين فقد كانت تحركاته الرشيقة داخل الملعب كتحركات لاعب باليه متمكن ويخال لك انه (Figure Skater) أي لاعب تزلج على الجليد يتحرك بمهارة وينزلق ببراعة ويطير في الهواء ليقبض حفنة شعاع من القمر المضئ لينثرها إحساساً جميلاً من ألق دافق يلف نفوس معجبيه، وتكفي شهادة دون ريفي في حق د. كسلا كلاعب فنان قل أن تجود الملاعب السودانية بمثله. وأخيرًا يقول د. كسلا في مقدمة كتابه الرائع( أردت أن أسطر بقلمي فلا أحد يستطيع ان يعكس إحساسي وذاتي سوى نفسي!! أتناول جوانب من حقب حياتي أحكي فيها بكل الصدق والأمانة تتخللها كغيرها لحظات من الحزن والفرح والألم والسعادة والأضواء والظلام عامرة بكل المتباينات من الأحساسيس والمواقف من هزائم وفشل ترقب ولهفة نجاح وانتصارات، انها سلسلة متواصلة من التجارب الثرة المليئة بالمواقف الرياضية وغير الرياضية عبر العديد من(المحطات وبينها بلا شك وقفات قصيرة كانت لازمة من أجل التقاط الأنفاس استعدادًا لرحيل وشيك يعقبها، ولذلك لم تجد حظاً كبيرًا من التوثيق في هذا السفر المتواضع أتاحت لي كرة القدم فرصاً كبيرة لاكتساب الخبرة اللازمة للحياة من معرفة أنماط البشر المختلفة ولاثراء التجربة من خلال التعامل معها في ظروف متشابهة وغير متشابهة فمنهم المخلص الأمين ومنهم المنافق الكاذب منهم من كان حادباً على مصلحتنا ومنهم المستغل لشهرة غيره في تحقيق مآرب ذاتية دنيوية منهم من مدحنا ومنهم من أساء الينا وللآخرين أقول سامحكم الله(كتاب محطات في حياتي) تجربة انسانية أدعو قراء (خلاصة الحكي) لاقتنائه والاستمتاع به وشكرًا شكرًا د. كسلا.