كسلا موطن الأشواق في كل الفصول، وتعابير القوافي تلتمس من نهرها عشقاً يطول.. فوق توتيل الحكاية.. السواقي مخلد صاغ الرواية، حين أدنو لديارك يافريدة.. يرتجف قلبي الخجول.. أنت يا كسلا امتزاجاً لثقافات توالت منذ عهد غاب مصقول التجارب جاثماً في العقل فكره.. بائناً في الوصف قول.. كل من جاء اليك تنادي وتمادى وتربع ومشى في أرضك جاهراً، هكذا الحب موجوداً هنا يرسل الأفراح من وسط الحقول، والسواقي جُملت بثمارها زادها ماء طهور.. من قال أكثر (يا أم تفاق) هام في وسط السطور. هكذا أقول في كسلا، في زمانٍ غير هذا الزمان.. زمان تشرب من عمق الجمال الإنساني زمان يدغدغ المشاعر ويداعبها بلطف من هول الانشراح المسكوب بعطر البنفسج، ليفوح على مقاطع الجمال الطبيعي فيهدينا ملاذات الاشتياق المطلق.. ونبدأ في مراجعات الوصف القديم.. حين قال الشاعر توفيق صالح جبريل.. كسلا أشرقت بها شمس وجدي.. فهي في الحق جنة الإشراق كان صبحاً طلق المحيا نديا، إذ حللنا حديقة العشاق.. كنا نرددها صغاراً في محور الحي لتكون اختزاناً في سويداء الضمير.. وما أجمل ملهمات الإطراء والتشويق العذب الذي يدق في وتر العمق العاشر، ويفضي إلى مساحات الاستباق الشفيف.. وما أحلى روايات الحب الطاهر في وقت رحل.. فقد هام فيها الكثيرون فأفرزت مسرح الحب الصريح بأنامل إسحاق الحلنقي، وأصبغها بأعذب الألحان القادم من قلب الجزيرة المطرب التاج مكي، فأبقى بها ولها واختمرت في دواخله البقاء )المؤجل( بين رمال القاش صيفاً وفوق جبال التاكا ولهاً.. وعند مياه توتيل أرتوءاً «علشان تعود لي».. لتبقى المآثر في محطات الإبداع الزماني حكاية جعلت لهذا البلد موقعاً للحب، ينتقل معها في كل صباح جديد ليعترف الجميع بأن كسلا هي موطن الوفاء والإخلاص.. حين أقول كسلا تداعبني ابتسامات المطرب إبراهيم حسين.. وبساطة الراحل المقيم عبد العظيم عبد الله «حركة» وبدايات كمال ترباس.. وتدفق وصف الجمال إسحاق الحلنقي وقراءات روضة الحاج.. وندءات عبد الوهاب هلاوي وأخوانه، وألحان عمر الشاعر التي غطت مساحات هذا الوطن الجميل، وكساها رونقاً الموسيقار أنس العاقب.. وأغرقها في شواطئ القاش الحنين عزمي أحمد خليل.. ورهط الثقافات التي تمشي في المدينة في أمسيات نادرة في معطياتها بأدب يؤول لوضعها الفطري، الذي حباه الله اليها.. فمن غنى اليها تفرد، ومن عشقها تمدد على أرصفة الوجدان الجاذب بتلك الاستدامة الرفيعة في فصولها الإنسانية.. ولهذا الجيل الذي يمشي في شوارعها وأزقتها وأحيائها.. أقول أمسكوا على جبال بإشفاق، وعلى نهر القاش ضعوا مراكب الأسفار النبيل ممشوقة بأشرعة العشم المستمدة من زمان يعج ويضج بكل ما هو رائع وجميل.. أقول قبل أيام قلائل.. تحدثت مع الدكتور الموسيقار أنس العاقب عن رحلة الوعد القادم في محطات مهرجان الثقافة الأول بكسلا المنظور في مقبل الأيام.. توقف لحظة وهو يطالع شرايين الأزمنة القديمة التي تضخ على مساحات الإنتماء نواصع مضيئة، وشهق بأنفاس الحب المعجون بالذكريات، ثم أرتد بصره بإعجاب متناهٍ.. شرد قليلاً بذهنه.. ثم قال سيكون شبيهاً بجنة الإشراق.. وقد علمت منه بأنه رئيس للجنة أبناء كسلا لتفعيل معطيات المهرجان الموسيقي والغنائي ولوحة الافتتاح ستكون من قطعة معدنية نادرة.. صاغها الشاعر عبد الوهاب هلاوي.. وبدأ يردد بصوت خافت.. هنا كسلا هنا السودان.. وقد علمت أنها بحق هي اللوحة المنتظرة.. أقول تسابق أبناء كسلا وهم في مقدمة التشويق الإبداعي لهذا الزمن المتعدد.. أقول سيكون هذا الملتقى الثقافي إعلاناً صريحاً لاضاءات الشموع القديمة وحالة تفوق الوصف الجمال.. وتذهب أبعد من ذلك ليكون المهرجان الثقافي الأول شيئاً يميز نفسه بنفسه، ويصيب القادمين بالإندهاش حين يختلط أحلى الكلام برمال القاش وخضرة السواقي وصفاء أهلها.. وثمارها ومشهقات التاكا، ونبع توتيل ومائه العذب.. حينها أرتوى لكي أعود اليها.. هكذا عاد أبناء كسلا من جديد ليعيدوا لذاك الماضي جل الألق بوداعة ولطافة وردية.. دون نرجسية أو زيف.. فكسلا تُعلم الجميع أن مساحات الوجد الصادق تبدأ من عندها.. هنا تشرق شمس السودان.. وأتوق حقاً أن لوحة الإفتتاح في مهرجان الثقافة بكسلا ستكون حديث المجتمع السوداني.. فقط لأن الجمال قد بدأ من هناك، مسترسلاً يروي صدق الإمتنان في بلد أعترف به الآخرون أنه حكاية تستحق هذا التلاقي الإبداعي. من هنا لابد أن أزجي العناق الصادق للسيد محمد يوسف آدم وإلى الولاية الجميلة، وللأخ محمد أحمد علي وزير الشباب والرياضة والثقافة والرعاية الاجتماعية، وهما يضعان لبنات هذا المهرجان الذي ولد ناضجاً بجهودهم المقدرة وبفهم يفوق كل خصائص وأركان التجويد لتكون كسلا بحجمها الحقيقي موضعاً ومنبعاً لثقافة مسكونة فيها من زمان مشهود.. وبقرار الوالي أضاءت كسلا لوعد جديد.. لحراك ثقافي وسياحي تتحدث عنه الأجيال عبر متواليات المهرجان في السنين القادمات. التحية لأبناء كسلا.. الفريق كمال جعفر عثمان.. اللواء محمد أحمد أونور أبو علي أكلاب موسى.. العميد شرطة حقوقي أبو محمد جعفر ونتك.. والأستاذ أحمد طه الجنرال موسوعة التلاقي الثقافي.. التحية لأهل الفن والكفر.. التحية لدكتور كسلا.. التحية لمصطفى شاويش.. التحية للمدافع التاريخي السيمت.. التحية لإعلام كسلا المبدع دائماً.. التحية لأحياء كسلا الرائعة.. والتحية للإعلامي المتجول فيصل ميرغني «دعاية» كسلا حلوة بأهلها.. فهي موطن الأشواق.. وعذراً لمن لم يرد اسمه.. فأنتم جميعاً علماً في موقع الإلهام.. لكم حبي. عضو اتحاد الصحفيين السودانيين