وما زلنا نتجول في حدائق وردهات وزارة المالية والاقتصاد الوطني.. وما زلنا بين يدي السيد علي محمود الوزير الذي يدير أمر الاقتصاد ويدير معه رؤوسنا هلعاً.. أو دهشة.. أو عجباً.. أو اعجاباً.. وما زلنا في تصريحه العاصف.. أو الساخر.. أو المودع.. وهو يقول.. لا يطرف له جفن.. ولا ترمش له عين.. يقول.. إن البلاد تعيش في «بحبوحة» شاسعة وإن السلع.. تئن من ثقلها الأرفف والأرصفة.. وإن الاسعار في «التراب» وإن «الغلاء» الذي يتردد في سماء الوطن.. هو مجرد أماني وأحلام.. معارضة حاقدة.. أو نفوس مخربة.. ويواصل وهو في فرح الأطفال في العيد.. أو في حبور طير طليق.. إن التضخم بفضل الله أولاً وبفضل «الإخوان» في الانقاذ قد انخفض إلى 43% بعد أن كان 46%. والآن أرجو ان يتسع صدر الوزير وأن «يطول باله شوية» لنا.. ولكن قبل أن نفند حديثه حرفاً.. حرفاً.. نرجو أن نؤكد له أمراً مهماً حتى «ترقد شعرة جلد الانقاذ» ثم نقول.. سيدي الوزير.. نعم إن حديثك عن الكسرة «استفزاز» وحديثك عن توفر السلع ومعقولية أسعارها وأنها في مقدور الناس.. أيضاً استفزاز مثل ذاك الذي اطلقته «ماري انطوانيت» ودفعت ثمناً باهظاً جراءه.. واطمئن سيدي الوزير.. وأيضاً على الانقاذ أن تطمئن.. لأننا شعب السودان النبيل الرفيع.. لسنا مثل الشعب الفرنسي المتوحش الهمجي.. فنحن سيدي نحب «الانقاذ» حباً قد برى أجسادنا.. حباً تزيده قسوتها علينا ضراوة واشتعالاً.. نحبها حب عنيف لكن رقيق في لطف زي أنسام سحر.. حباً دونه حب ابن زيدون إلى ولادة بنت المستكفي.. وبمناسبة حب ولادة وابن زيدون يشبه تماماً حالتنا وحالنا معكم.. ولادة إمرأة امبراطورية أو أميرية أو ملكية ربيبة صولجان وسلطان.. وابن زيدون من عامة الشعب ولكنه تهور «وتشابى» فأحب ولادة.. وها أنتم الحكومة.. تسكنون في الفلل والقصور ويجري المال في ايديكم كما يجري النيل.. كما تجري دموع اليتيم.. كما يجري دم المجروحين.. ونحن لسنا أكثر من «حرافيش» وفقراء ودهماء وعوام.. ورغم ثقل أحذيتكم والتي هي الأحاديث التي تطلقونها في الهواء.. بل تصفعون وجوهنا بها إلا أننا نردد مع ابن زيدون.. بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا.. أو نردد مع عثمان حسين.. زيدني في هجراني في هواك يا جميل العذاب سراني.. أها بعد كده اطمأنيت.. آمل ذلك.. ولتطئن الانقاذ معك.. وكل «الإخوان».. ثم نتفق معك سيدي الوزير.. إن السلع تلالاً وجبالاً وأكواماً.. نتفق معك إن اللحوم الحمراء تملأ الساحة.. والبيضاء تحتل كل الساحة.. وإن الأسماك قد «ضايقت» حتى «ساكني الموردة» في الطرقات والشواطيء والشوايات..نتفق معك إن شارع المطارصار مثل «الحميراء» في بيروت ترفاً وسلعاً وفخامة.. أعني «الطعام» الذي نحن «الحرافيش» بصدده نتفق معك إن العاصمة- لاحظ العاصمة- تنهض في أطرافها وقلبها فنادق وكأنها تستحم بالنيون.. وبها صالات طعام «تدي» لي ربك العجب نتفق معك أن التفاح.. تلالاً وكأنها «قيزان» رمال في الصحراء الغربية و«البرقوق» بالصناديق.. والعنب بالعناقيد.. و«المشمش» يأتي طازجاً من سوريا «لها الله» وبيروت.. نتفق معك.. إن كل مدخلات المكرونة «بالبشميل» ترقد في البقالات وعلى كل «الرفوف» نتفق معك ان برطمانات «الكرز» على قفا من يشيل.. وأن علب «الاناناس» والخوخ والكمثرى تنادي كل عابر طريق.. هذا غير «الايسكريم» بالكيلو أو بالبسكويت.. وغير«النسكافية» وغير «الأوفلتين».. ويا لنا من جاحدين.. يا لنا من حاقدين.. يا لنا من مخربين.. ويا لعيوننا «الشرفانة» التي لا يملؤها حتى التراب.. بكره نتلاقى