هناك خلل ما في تنظيم المناسبات والأنشطة الكبرى في السودان، لا توجد شركاتevents ذات صبغة وإمكانيات وقدرات عالمية في البلاد.. كثيرٌ من المناسبات الرائدة والمميزة فشلت فشلاً ذريعاً بسبب التنظيم السيء وعدم المعرفة والدراية بما استجد في هذا المجال من تقدم وتطور كبيرين على مستوى العالم، وتلعب التقنية والابتكارات دوراً كبيراً في إنجاح مثل هذه المناسبات، وفي الذاكرة الفشل الذي لاحق حفل افتتاح بطولة الأمم الأفريقية «الشان» في الخرطوم في عام2011، وأخيراً وليس آخراً حفل طيور الجنة في الخرطوم قبل شهور مضت، والحزن الذي خيم على الأطفال وذويهم عند فشل الحفل الأول في الخرطوم، ولحسن الحظ فإن حفلهم الثاني في مدينة بورتسودان حقق نجاحاً جيداً، ونجح حفلهم التالي في غزة ومن بعدها من مدن وعواصم عربية نجاحاً باهراً.. ونادراً ما تستعين الجهات المنظمة للاحتفال بشركات عالمية من دول الجوار أو الخليج لتنظيم حفلات افتتاح واختتام برامجها وفاعلياتها، وللاستفادة من خبراتها.. وأذكر أن حفل افتتاح بنك الإمارات والسودان في الخرطوم عام 2007 والذي شرفه حضوراً السيد رئيس الجمهورية قد عُهد بأمر تنظيمه إلى شركة إماراتية هندية مقرها دبي، وكنت وكيلا عنها ومشرفاً على عملها في الخرطوم، ولقد واصلنا الليل بالنهار في عمل مستمر دؤوب، وكانت لدينا قائمة بعشرات التكاليف والأشياء الدقيقة التي لم تغفل شيئاً حتى نوعية الورد الطازج الذي سيقدم، والطفل والطفلة اللذين سيقدمانه واللذين قد تم اختيارهما من بين عشرات الأطفال.. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدناه لطيران الإمارات بمناسبة تسيير رحلاتها من دبي للخرطوم في عام 2002 حضر مع مسؤولي الشركة مضيفتان ومهندس للصوت ومهندس للكهرباء- رغم أن المؤتمر عقد في فندق الهلتون وقتها - وكل ذلك حرصاً على أن يخرج المؤتمر بصورة ممتازة لامجال للخلل فيها.. وإذا لم نبادر نحن بتدارك مثل هذا الخلل فسيكون الانطباع عنا سيئاً على مستوى الأقرب إقليميا وعربياً وأفريقيا على بل على مستوى العالم.. وأتابع بقلق شديد المناسبات والاحتفالات الكبيرة وألحظ في معظمها خللاً حقيقياً وأخطاء فادحة تشوه تلك الاحتفالات وتجعلها باهتة أو متواضعة أو سيئة، وكثيراً ما يخسر المنظمون مبلغ طائلة ثم تضيع وتُهدر بسبب اخطاء بسيطة لم يلتفت إليها احد.. أتذكر وقائع حفل مهم في حدائق القصر الجمهوري في عام 2005 وقد احتشد العشرات من كبار مسؤولي الدول الغربية والأفريقية والعربية، وشهدناه من على التلفاز ونحن وقتها في دمشق، وتألمنا كثيراً أنا وأخي محمد الحسن عباس نحن نشهد أن سوء التكييف وسوء صوت المايكروفون قد افسدا من بهجة الحفل..! وفي مناسبة نصر هجليج وقد احتشد آلاف السودانيين دون تخطيط مسبق في مباني وزارة الدفاع، خذل المايكروفون المستمعين لخطاب السيد الرئيس ونائيبيه وعدد من الوزراء والوالي فلم يسمع احد ما قاله السيد الرئيس، ومن قبله وبعده من متحدثين...! وعادة ما يسافر الرئيس ونائباه والساسة والمسؤولون إلى ولايات بعيدة وقريبة وتتجمع الجماهير الوفية لتستمع إلى رئيسها ومن معه، وغالبا ما يكون هناك خللٌ في المنصة او المايكروفون او تنظيم الحضور، فلا يتحقق المراد من تلك اللقاءات بالصورة التي تحقق الفائدة التي يريدها المخططون والمنظمون والحضور الذين تكبدوا المشاق واحتشدوا لساعات طويلة دون كلل ولا ملل..! و كثيرا ماندعو إلى مناسباتنا الرسمية الجماهيرية وغيرها رجال السلك الدبلوماسي وفيهم اجانب لا يجيدون اللغة العربية ولا يتحدثونها،فلا يحفل احد بالترجمة أو على الاقل أن ينقل لهم أحد مايدور حولهم.. واحيانا تكون هناك هرجلة وعدم دراية بالمراسم فيختلط الحابل بالنابل.. واحيانا ما تجد ان مؤتمرا عالميا مهما كلف ملايين الجنيهات وتجد اللافتة الرئيسية في القاعة الرئيسية مصنوعة من خامة رخيصة او خامة غير مناسبة أو أن هناك خطأ قاتلا في العنوان او الاسماء في اللغة العربية نفسها أو في اللغة الاخرى انجليزية كانت أو فرنسية..! أو ان الشهادات التقديرية والهدايا لا تتناسب مع ضيوف الحفل الاجانب ومكانتهم..! في عهد مايو وفي الفترة التي قضاها الدكتور منصور خالد وزير للشباب والرياضة وجد عدد كبير من الشباب فرصة للسفر خارج الدولة للتعلم واكتساب الخبرات، وتكونت للوزارة كوادر وخبرات متميزة في مجالات شبابية متعددة بعد الكورسات والدراسات التي حصلوا عليها في كل كوريا والصين وكوبا وعدد من دول اوروبا الشرقية.. وماتزال هذه الخبرت تتوارث جيلا بعد جيل ولكن دون اضافة جديدة لأن الذين من بعدهم لم يجدوا حظا للتدريب خارج البلاد! الآن الهدف الاسمى للسفر خارج البلاد هو بدل السفر، فلا يسافر الشخص المناسب للدورة أو المؤتمر الذي يتناسب مع علمه وخبراته..! والآن ومع التقشف الذي طال كل شئ فلم يعد هناك سفر يلبي تطلعات الذين يجدون في السفر مغانم كثيرة اخرها المهمة التي سافروا من أجلها..! وحتى لا نظلم بعض الجهات، فهناك مناسبات تم اقامتها وتنفيذها في الاسابيع الماضية بمستوى عالمي من قبل شركات ومؤسسات استعانت بشركات وبيوت خبرة عالمية، وحققت نجاحا لافتا للنظر.. لاضير من الاستفادة من التجارب العالمية ولا ضير من تأسيس شركات مناسبات تستفيد من الخبرات والتجارب العالمية، ومع ذلك لابد من اتاحة المجال امام شبابنا للتدريب خارج الوطن في هذا المجال وفي مجال المراسم والتوثيق اللذين يرتبطان ارتباطاً وثيقا بالمناسبات العامة والخاصة.