للنجاح قصص كثيرة عبر بها أبطالها الى الحياة بخطى ثابتة وإرادة قوية متغلبين على ظروفهم الصعبة.. الطفل أحمد آدم أحد هؤلاء الأبطال الذين حققوا النجاح رغم المعاناة، فأحمد ابن العاشرة الذي هجر مقاعد الدراسة بعد إصابته بمرض السرطان، عاد الى دراسته بعد رحلة طويلة من العلاج، تلقى فيها الجرعات التي أرهقت جسده النحيل، ولكنها كانت الدواء لداء عضال.. عاد لمقاعد الدراسة وفقاً لرغبته في التعليم وقوة إرادته، وعدم استسلامه لمصيره، فكان القرار والجلوس للامتحان لشهادة الأساس فحصد النجاح والتفوق معاً.. كيف ذلك وماهي تفاصيل الحكاية.. نحكي عن ذلك، بعد أن جلست آخر لحظة مع أطرافها واستمعت لها، وتسردها هنا لتكون مثالاً لقصص النجاح، وأنموذجاً لعمل الشباب السوداني الطوعي وخيرهم على البلاد وهم يعملون بصمت.. الجمعية السودانية لأصدقاء أطفال مرض السرطان. عرفت قصة نجاح الطفل أحمد آدم محمد عبر الجمعية السودانية لأصدقاء مرضى السرطان (تداعي) وهي جمعية خيرية شبابية تعمل على تقديم العون والمساعدة للأطفال المصابين بمرض السرطان، ولها دار بحي النزهة بالخرطوم... متطوعون شباب من الجامعات، ومن الكليات المختلفة، يعملون بصمت، يفخر بهم الوطن، اتصلوا بنا والفرحة تملأهم، لأن عملهم وجهدهم لم يذهب سدىً.. فأحمد لم يخيِّب آمالهم، ولم يخذلهم، فهو أصر على العودة للدارسة، فيسروا له الأمر من إعداد لأوراقه الثبوتية، الى تسجيل في المدرسة، الى الاستذكار والمراجعة، فكانت عزيمته ونجاحه هديته لهم... ذهبت الى دارهم بحي النزهة لاستمع الى الطفل أحمد وحكايته، قابلتني الأمينة العامة للجمعية الأستاذة وصال أوشي، وكل طاقم إدارتها والفرحة على أعينهم.. وقالت لي إن أحمد طفل هادىء جداً وذكي، وله عامان بالدار بعد أن جاء للعلاج من الجنينة، والآن يتحسن بصورة ملحوظة لأخذه العلاج.. أما قصة عودته للدراسة ونجاحه، فهي رغبته، ونحن كإدارة عملنا على تسهيل الأمور له، من اجراءات تسجيل واستخراج أوارق، وتهيئة الأجواء للمذاكرة بمساعدة الطالبات من أصدقاء الجمعية، فكانت النتيجة نجاحه، والأجمل أن تسمعوا منه الحكاية الجنينة.. بداية رحلة المعاناة بابتسامته الهادئة جلس معي ليحكي قصته التي قال فيها: إنه أصيب بالتهاب في اللوزتين منذ عامين، ولكن بعدأن تطور الالتهاب ذهبنا الى الفاشر، ومنها حولنا للخرطوم برفقة أخي.. ليُكتشف أنه ورم خبيث، وأنني مريض بالسرطان، وهنا بدأت رحلته مع المرض والألم، وانقطع عن الدراسة ولكن بفضل أصدقاء أطفال مرضى السرطان تم استيعابي بالدار لعدم وجود أقرباء له بالخرطوم، ولمتابعة حالة مرضه بصورة دائمة، خاصة وأنه يحتاج الى جرعات كيمائية متواصلة، يبتسم ويقول في البداية كنت أتألم جداً، ولكن تعودت على الألم وبمرور الوقت تحسنت صحتي، واستجبت للعلاج بحسب حديث ومراجعة الأطباء، الآن تم توقيف الجرعات، وعندها قررت الرجوع لمواصلة دراستي لحبي للقراءة ورغبتي في أن اتعلم، وأخبرت المشرفة في الدار، وفي ناس قالوا لي ما بتقدر والزمن ضيق للامتحان، لكنني أصريت على رغبتي فساعدوني في استخراج أوارقي من جنسية وبطاقة، وسجلوني في مدرسة بالقرب من الدار هي مدرسة الكلمة الطيبة، وواصلت دراستي وساعدني (رباب ومروة ) طالبتان في الجامعة في المراجعة، وامتحنت فعلاً وأحرزت مجموع (208) وبشكرهم، وكذلك الأستاذة وصال أوشي، وكل المشرفين الساعدوني وأسرة المدرسة، والمدير وأسرتي في الجنينة وأهلي أيضاً وأنا كمان بقول الحمدلله على هذه النعمة، وأتمنى أن أواصل دراستي وأشفى تماماً من المرض، وأشكر الجمعية وأخواتي من الطالبات اللائي ساعدنني وكل من يساعد الأطفال، وأنا أيضاً سوف أقوم بمساعدة الآخرين، وأتمنى أن أدرس الجامعة واتخصص لأعالج الناس وأساعدهم.. نقطة ضوء..العمل الطوعي القصة نقطة ضوء من شباب آمن بالعمل الطوعي في مجال مرض السرطان للأطفال في تقديم العون لهم ومساعدتهم بقدر ما يستطعون، من توفير مأوى لمن لا مأوى لهم- القادمين من الولايات البعيدة- وتوفير جزء من الدواء والجرعات، ومتابعة حالاتهم الصحية والاجتماعية، ومراعاة الحالة النفسية لهم، بتوفير المناخ الترفيهي أحياناً.. وهم أطفال أبرياء أصابهم مرض لعين... إن المجتمع الذي يتكافل فيه أفراده لهو مجتمع صحيح معافى، تمشي فيه المروءة والعمل الصالح بخطى واثقة، ولكن حتماً يحتاج الى دعم الخيرين من أصحاب المال، فهل تداعت فئات المجتمع في مثل هذه الأعمال الخيرية.. وفي الحديث جاء (ما نقص مال من صدقة) وفي الآية القرآنية الكريمة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ...).... وقال تعالى أيضاً :(.... وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) . « صدق الله العظيم» .