هناك وجه شبه كبير بين الشحاد والحرامي فكلاهما يريد أن يستولى على ما تملك مهنتان من أشر المهن وأبغضها إلى الله والناس فالشحاد واللص ليس لهما عمل يسترزقان منه لأن أي عمل بالنسبة لهما شاق مهما كان سهلاً، ولأن التسول والسرقة سهلان ولكن يظل من يمارسوهما من أحط خلق الله، وليس لهما في أي مجلس إحترام أو مكانة بل ان الكثير من الناس يتأففون من رد السلام عليهم لكل واحد منهما طريقته في الانقضاض على فريسته الشحاد يصحو صباحاً من نومه، فيضع خريطته الجغرافية أمامه فهو يقسم المدينة إلى مربعات فبتاريخ اليوم يذهب الى مربع كذا الذي زاره قبل شهر أو شهرين، وكل يوم له الموقع الفلاني، أو موقعين أو ثلاثة، وهو قد يملأ جيبه من عطاء الناس، وعندما يجوع آخر اليوم فإنه لا يشتري طعاماً لنفسه، بل يذهب إلى أقرب مطعم ليعطيه صاحب المطعم سندوتشاً أو بقية طعام وجيبه ملآن لا ينقص، وقد يكون له أسرة، لكنها لا تجد منه إلا الفتات، ليس له كرامة ولا وضع أسري يعذب أولاده وامرأته بمهنته التي يعرفها الجميع... حكى لي الأخ صالح محمد صالح إن حدهم أحيل إلى المعاش وهو في صحة جيدة، فلم يحاول ان يجد له مهنة يرتزق منها، لكنه فضل أن يمر كل يوم على زميل من أيام العمل ليعطيه جنيهاً ،ويعود آخر اليوم ومعه أكثر من عشر جنيهات، ولما كان الممولون يعرفون بعضاً فقد عرضوا عليه أن يعطوه شهرياً مبلغ ثلاثمائة جنيهاً على ألا يأتي إليهم كل يوم.. لكنه رفض وأصر على أن يمر عليهم كل يومين أو ثلاثة ليأخذ الجباية منهم ..ان المتسول يظهر التسول على وجهه، ويكون مكسور الخاطر ضعيفاً منزوياً مظلم الطلعة لا يستقبله الناس إلا اضراراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (من فتح على نفسه باب المسألة فتح الله عليه باب الفقر) صدق رسول الله.. أما الحرامي فهو الذي لا يعرف الله ولا يخافه.. وهم في ذلك أنواع الذين يسرقون من البيوت ليلاً أو نهارًا لا يخافون أحدًا ولا يتورعون عن سرقة أي شيء من بيت أو سيارة أو دكان أو مزرعة ولا يهمهم أن يقبض عليهم، ويوضعوا في ظل الأحكام الوضعية في السجون ليقضوا مدة حكمهم، ثم يعاودون السرقة والاستيلاء على أموال الناس بغير حق وكما للمتسولين خرائط جغرافية وكذلك للحرامية الذين يقسمون المدينة إلى أحياء ومناطق ولعدد منهم مناطق وأحياء خاصة بهم يرتادونها بعد كل فترة وهناك مناطق محجوزة للحرامي فلان وفلان فلا يقترب منها أحد، وهناك النشالون الذين ينشلون المحافظ والنقود الورقية من جيوب الضحايا بطريقة لا يحس بها الناس والذين بعضهم يعمل في سرقة ما داخل السيارة أو سرقة السيارة نفسها وتفكيكها وأخذ أجزائها، وهناك المحتالون الذين يبيعون البيوت بالأوراق المزيفة، ويحرقون قلوب ضحاياهم، ولأن الإسلام يريد المجتمع المعافى الذي تسوده المحبة والعمل المشترك والدؤوب إعمارًا للحياة.. فقد أوجب عقوبة قطع اليد للسارق والسارقة لأن عقوبة السجن لا تردع أحدًا وكفانا الله شر المتسولين والحرامية.