الليالي من الزمان حبلى يلدن كل يوم حادثات يشيب لها الوليد ويلدن حادثات تجعل قيادة الأمة تبصر بعيون فاحصة لمعرفة كنه الوليد ، وعند الحدث تحدق القيادة برؤى استقرار الوطن وقيمة الوطن لا بالإنفعال للحدث، ودائماً تنشأ من ميلاد الأزمة مسارب شتى من يطلب الحسم والردع الناجز وأخذ الحق بأعجل ما يكون ومسارب أخرى تحلل الحدث، وتقرأ ما بين السطور حسماً لأي أمر عصيب. الهجوم الأخير الذي نفذته الجبهة الثورية على منطقتيَّ أبو كرشولا وأم روابة ليس له نفعاً أو قيمة من الناحية العسكرية والسياسية للجبهة بل (حراق روح) إن لم يكن قد خصم منها، علاوة للخسائر الكبيرة التي تكبدتها جراء فعلها الذي أقل ما يوصف به أنه عمل أخرق وغير مضمون العواقب ، فهذا المنهج في معارضة السلطة في هذا الأسلوب البشع الذي أمعن في التنكيل في الأبرياء العزل فإن الجبهة جنت نتائجه المتمثلة في شجب وإدانة واسعة النطاق من قبل المجتمع الإقليمي والمحلي والدولي لأنه ببساطة عمل إرتكز على ترويع الآمنين وقتل الأبرياء وتدمير مشروعات الخدمة فجاء بعيدًا عن الأخلاق وأهداف الصراع وضوابطه ومسؤولياته.الذي جرى في أبو كرشولا وأم روابة ليس نضالاً ، بل محاولة جادة لزرع فتنة يستعصى حلها ويصعب تدارك آثارها النفسية والجنائية والإجتماعية فهذه مجافاة للجادة يستحيل الأوبه والإهتداء منها علاوة على أنها أرست أدباً وقيماً جديدة للصراع ومنفرة يتأفف المجتمع السوداني المعروف بالمروءة والأخلاق في السلم والحرب منها الإنتقائية التي تمت لعضوية المؤتمر الوطني وقتلهم على النحو الذي رواه أهل المنطقتين دليلاً على تحولٍ جديد في الصراع ولعل دارفور التي عانت من مرارات الصراع لم تستطع بعد تجاوز مرارت الصراع التي خلفت أثارًا على ذلك المجتمع المعروف بتكافله وتعاضده والذي تم من أخوة كنا نحسبهم من أبناء الوطن مدفوعين بأحقاد الجبهة الثورية أضرت بمصالح الجبهة الثورية من حيث لا تدري. وأحداث ابو كرشولا لم تكن عادلة ومنطقية في عدائها لعضوية المؤتمر الوطني حيث انتقمت من أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم عزلٌ ومدنيين، ومن عجائب الأمور وأضاد الأشياء أن الجبهة الثورية تحاور المؤتمر الوطني، ولم تدع الحوار معه لأنه السبيل الوحيد لخروجها من أزمتها الرَّاهنة، ولا أعتقد أنها ستجد قبولاً جماهيرياً طالما تبنت التجني على العزل الآمنين المكاسب التي وفرتها للمؤتمر الوطني من هذا العراك الخاسر يفوق الحصر والعدد وعليه الاستفادة منها على نحو جاد والدعوة الكريمة التي أطلقها المشير سوار الدهب والتي أمها قادة سابقين في الجيش السوداني والإدارة الأهلية والمهتمين بشأن جنوب كردفان تعد التفافة وطنية نبيلة الغرض منها تخفيف المصاب على أهل أبو كرشولا وكذلك تأمين الحلول المستعجلة للأزمة الإنسانية التي خلفها الهجوم الغادر غير أن مثل هذه الدعوات التي تقوم بمعالجة أزمة دائماً لا تحمل العمل الاستراتيجي البعيد المدى، وذلك لكونها تبحث عن حلول آنية لأزمة مفاجأة غير أنها يمكن أن تكون بداية لدعوة اخرى لحل الأزمات التي يعاني منها السودان عبر الحوار الأهلي لمجابهة الدسائس التي اتضح أمرها للعدوان الأخير ولا يستطيع أحد نكران أنها إستهدفت المدَّ الإسلامي، فتطويق الخلاوي وتدميرها وقتل حفظة القرآن أصدق دليلاً على ذلك. بإذن الله المناطق التي أستبيحت من الحركة الثورية، سيتم تحريرها والدَّرس المستفاد هي ضرورة تجميع الصفوف لأهل المؤتمر الوطني على نحو خاص بقية إقتسام المسؤولية على نحو حزبي ووطني في الصورة التي تضمن صيانة أمن الوطن وسلامة أراضيه والمؤتمر الوطنى بات مسؤولاً عن تضامن فئاته وإقرارهم بوحدة الصف، وتناسي الخلافات وتجاوها كضرورة وطنية ملحة، وليس هذا على مستوى المؤتمر الوطني فحسب، بل على جميع الأحزاب السودانية التي تناست مسؤولياتها الوطنية، فهذه اللامبالاة تضر بالمشروع الوطني الكبير وتساعد على تفتيت وحدة الأرض فالأمر الذي يجابه السودان الآن اكبر وأعقد وأصعب ما يتحملها حزب أو فئةٍ فالعافية مطلوبة للمؤتمر الوطني لأن المرحلة تريد عافية ووفاقية اكثر مع كل مكونات الجسم السياسي لأهل السودان .