وما زلنا في «خلوة» أو «مسيد» أو «زاوية» شيخنا العارف بالله علي محمود وزير المالية والإقتصاد الوطني.. وما زلنا في «دهشة» الحبيب الراحل عمر الطيب الدوش.. ذاك الذي أنشد في ترف.. طبول بتدق وامتع نفسي بالدهشة.. وليتها كانت نفس دهشة الدوش.. ولكنها للأسف وبالحزن كله كانت الدهشة الفاجعة دهشتنا كمواطنين.. والسيد وزير المالية يطلق أشباح الفزع.. ويرسل لنا خيالات الخوف.. ليعلن عجزه وعجز الدولة عن إدارة دولاب الإنتاج.. ليطلب من السادة النواب أن يغادروا إلى مواقعهم لإقامة صلوات الاستسقاء.. لا مانع لدينا مطلقاً أن يهطل المطر مدراراً رغم أنه لم يخذلنا في عام أو خريف أبداً.. ولكن دعنا نهمس في أذن «مولانا» أن الخروج لصلاة الاستسقاء لها شروط وقواعد.. نكتب منها ما تيسر.. أولاً أن يخرج المسلمون في أسمال بالية ممزقة.. وأن يسوقوا أمامهم الأنعام الهزيلة «الضبلانة».. أن يعرفوا بل لا ينسوا لحظة أنهم وفي صلاتهم هذه يقفون أمام الله جل شأنه.. وأن يكونوا صادقين محتشدة قلوبهم بالإيمان.. أن يصطف في هذه الصلاة الأطهار الأبرار والأخيار.. وبما أن كل الشروط أعلاه مطلوبة في صفوف المصلين، وبما أن الدعوة دعوة السيد وزير المالية.. كانت فقط وحصرية على السادة نواب المجلس الوطني.. وحتى يستجيب الله مالك الملك منزل الغيث رحمة بالضعفاء نحن نطلب من السيد وزير المالية أن يطبق شروطنا حرفاً.. حرفاً.. وشروطنا نجملها في الآتي: أولاً.. أن لا يقف في صف هذه الصلاة.. بل حتى لا يكون قريباً من ساحة الصلاة.. أي نائب صوت و«صفق» لميزانيتك الأخيرة تلك التي حاولت قطع أنبوب الأكسجين من رئة الشعب الكادح الصابر الفقير والنبيل.. ثانياً.. لا يقف في صف الصلاة أي نائب لم يعترض على ذاك القرض الربوي الذي أجازه البرلمان بعد أن «تحصل» «بدون جهد يذكر» من فتوى علمائنا الذين جوزوا هذا القرض تحت بند الضرورات تبيح المحظورات.. ثالثاً.. لا يصلي صلاة الاستسقاء هذه حتى الذي امتنع عن التصويت في ذاك القرض.. أو حتى الذي نذر للرحمن صوماً ولم يكلم في «المجلس» إنسياً.. ü رابعاً.. لا يصلي وطبعاً لا يؤم وحتى لا يكون مأموماً.. أي نائب إرتد له شيك وقَّع به إلى أي جهة كانت شركة سيارات أو وكالة عقارات.. وباعتبار ما سيكون وإذا جادت السماء بالغيث وهطل المطر وابلاً.. وروى كل الأرض الزراعية المطرية.. لا تظن يا «مولانا» بل لا يظن أحد أن السماء استجابت لصلاة الأحبة النواب لصلاح ومتانة دين ثابت في صدورهم.. لأن الله وفي كل عام كان يرسل لنا المطر مدراراً وبدون صلاة استسقاء.. وكلمة أخيرة سيدي الوزير أو «مولانا» و«شيخنا» الوزير.. إن الزراعة المطرية لا تتراقص فرحة ومحبورة سنابل الدخن والذرة والسمسم، وهي تكاد «تطرشق» من ثقل الحبوب بالمياه.. مياه الأمطار وحدها.. إلا إذا صاحب تلك الأمطار.. ما عجزت الوزارة عن توفيره.. وإكراماً لك سيدي الوزير.. دعنا نتمنى أن تهطل مع المطر.. آلاف التركتورات.. ومئات «الدسكات» ومئات الحاصدات.. وأطنان من التقاوى وشوالات من السماد.. وبراميل من المبيدات... ومئات الآلاف من بالات الخيش.. هذا غير ملايين الأطنان من «الكجيك» وآلاف باقات من الزيت.. أما إذا سألتني عن علاقة الأمطار والزراعة بالزيت والكجيك.. أحيلك مباشرة إلى «أخوكم» زمان الذي أضعتموه كرم عباس.. ينبئك بما لا تعلم.. مع السلامة.. حتى الخريف القادم..