تجارة الصين الكتابة عن تجارة الصين يعني التطرق لبعض المفاهيم والتطورات المستقبلية وأثرها على التجارة العالمية: أولاً: هل الأزمة المالية العالمية أزمة عالمية أم أزمة غربية(أمريكية اوربية)؟ لقد بدأت الازمة المالية في الخامس عشر من سبتمبر 2008 بإفلاس أكبر بنكين وشركتين أميركتين في أمريكا وتوالت بعدها افلاس البنوك والشركات الامريكية يوميا تقريباً وبسرعة فائقة انتقلت الازمة الى أوربا. والآن دخلت الأزمة المالية الغربية عامها الخامس دون أمل في تعافي الاقتصاد الامريكي ومنطقة اليورو إذ بلغ الدين الوطني الامريكي في مايو2013 (16.6) ترليون دولار، بمعنى أن كل أمريكي رجلاً وامرأة وطفلاً مدين بمبلغ 54.267 دولار. وبلغ الدين الخارجي الامريكي 16.6 ترليون دولار منها 1.17 ترليون دولار دين الصين لأمريكا. أما منطقة اليورو فهي الغارقة في أزمة الديون تسقط الواحدة تلو الاخرى كما قطع الدينمو والعقدة المفصلية التي قد تحسم الوحدة الاوربية هي ايطاليا ثالث أكبر اقتصاد اوربي والخامس عالمياً، فالاقتصاد الايطالي يترنح دون تأكيدات أن تلك الدولة العملاقة ليست قادرة من الإفلات من أزمة طاحنة ومتشابكة تضم كآفة دول أوربا الغربية. والآن يمر الاقتصاد الأمريكي والأوربي بمرحلة الإنكماش التي ستتحول، ربما قبل نهاية عام 2013م إلى الكساد أي الدمار الكامل حيث الى الآن لم تستطيع أمريكا وأوربا فهم طبيعة الأزمة المالية الغربية والتي تحولت من أزمة مالية الي أزمة إقتصادية الى أزمة إجتماعية الى أزمة ثقافية (أي الكفر بالحضارة الغربية الليبرالية الرأسمالية المتوحشة) الى أزمة نفسية تهدد بإنفجار المجتمعات الغربية. ولعل أكبر دليل أن الاأزمة المالية أزمة غربية هو نمو الاقتصادات الصاعدة والتي تضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجمهورية جنوب أفريقيا والتي تسمى بدول(البركس). ثانياً: الدمار الوشيك لأمريكا وأوربا لعجزهما عن معالجة الأزمة المالية الغربية، فبالنسبة لأمريكا ثمة من يقول إن هناك عدة مسامير جري دقها فعلا في نعش ما صار يسمي الإمبراطورية الأمريكية، وهذه المسامير هي حرب فيتنام التي تورطت فيها الولاياتالمتحدة خلال الفترة ما بين عامي ستة وخمسين وخمسة وسبعين من القرن المنصرم ثم حرب افغانستان والعراق ثم أخيراً الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها الكبري في خريف عام الفين وثمانية. ويقول الفريد ماكوي أستاذ التاريخ في جامعة وسكنسون الأمريكية، إن انهيار الولاياتالمتحدة كقوة عظمي عالمية لم يسبق لها مثيل في التاريخ قد يكون أسرع مما يتخيله كثيرون. ويستطرد البروفيسور ماكوي في كلامه بقوله إنه إذا كانت الولاياتالمتحدة تمني نفسها بأنها ستظل القطب السياسي والاقتصادي الأكبر في العالم حتي عام ألفين وأربعين أو ألفين وخمسين لتستكمل ما يوصف بالقرن الأمريكي فان هذا علي ما يبدو لا يشكل سوي حلم كاذب لا تدعمه معطيات الواقع الراهن بكل تفاصيله الجديدة المعقدة سواء علي مستوي الواقع المحلي في أمريكا نفسها أو علي مستوي العالم بأسره . وأضاف ماكوي الإمبراطورية الأمريكية ستشهد افولها الفعلي بحلول عام 2025 اي بعد نحو ثلاثة عشر عاما من الآن أو بحلول عام ألفين وثلاثين علي اقصي تقدير . وثمة رؤية يتبناها ماكوي في تفسير تاريخ الإمبراطوريات عموما وليس في تفسير قصة صعود وهبوط الإمبراطورية الأمريكية علي وجه التحديد وتتمثل هذه الرؤية في أن الإمبراطوريات عموما عبر التاريخ هي أشبه بكائنات حية هشة وذلك علي الرغم من أن هذه الإمبراطوريات بدت تاريخيا وكأنها قوي سياسية واقتصادية لا حدود لسطوتها ويعني هذا الأمر أن التاريخ يقول لنا إن البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيش عليها أغلب الإمبراطوريات عادة ما تكون ذات طبيعة حساسة ومرهفة ودقيقة بل وهشة لدرجة أنه بمجرد حدوث أي شيء يمكن أن يعكر صفو هذه البيئة ، فانه سرعان ما ينفرط عقد الامبراطورية التي تعيش وتتعايش عليها وبأسرع مما قد نتخيله وإذا ما طبقنا هذه القاعدة علي الامبراطوريات السابقة التي كان بعضها لا تغيب عنها الشمس سنجدها صحيحة إلي حد كبير فانهيار الامبراطورية البرتغالية لم يستغرق سوي عام واحد وانهيار الاتحاد السوفيتي لم يستغرق سوي عامين وانهيار الإمبراطورية الفرنسية استغرق ثمانية أعوام فقط وانهيار الامبراطورية العثمانية لم يستغرق إلا احد عشر عاما . أما انهيار الامبراطورية البريطانية لم يستغرق سوي سبعة عشر عاما وبالنسبة للولايات المتحدة ، فان إنهيارها حسب هذه النظرية سيستغرق علي الأرجح اثنين وعشرين عاما وهي فترة محسوبة من ثاني أكبر مسمار في نعشها ألا وهو حرب العراق في عام ألفين وثلاثة . ويعني هذا الأمر أن إندفاع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لغزو العراق يشكل بداية العطب السريع للبيئة السياسية والإجتماعية والاقتصادية والثقافية الهشة التي تعيش وتعتاش عليها الإمبراطورية الأمريكية وإذا كانت نهاية العديد من الامبراطوريات عبر التاريخ كانت مخضبة بالدماء واحتراق الأخضر واليابس في العديد من بقاع الدنيا إلا أن افول الامبراطورية الأمريكية التي صعد نجمها خلال النصف الثاني من القرن العشرين سيكون وفق سيناريو أقل دموية مما حدث إبان عصر الامبراطوريات البائدة لكن في المقابل فان الشعب الأمريكي سيشعر كل يوم بل وفي كل ساعة بعد إنهيار إمبراطورية العم سام بآلام السقوط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادهم بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ هذا الشعب. فقد شهدت شعوب الإمبراطوريات الأوروبية البائدة سلسلة من الهزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعيد افولها مباشرة وبرهن التاريخ علي أنه عندما تبرد اقتصاديات الإمبراطوريات أي عندما يصيبها الكساد فانه سرعان ما ترتفع درجة حرارتها السياسية إلي درجة الغليان أو بالقرب منها وهو ما قد يعني إندلاع إضطرابات إجتماعية محلية ربما تكون خطيرة ولكن ماهي المعطيات العامة أوالاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية التي قد ترجح صحة الرأي القائل بإقتراب موعد أفول الإمبراطورية الأمريكية، تلك الامبراطورية التي خرجت للعالم بكل جبروتها السياسي والعسكري والاقتصادي مع بداية الحرب العالمية الثانية. وقد شهد شاهد من أهلها في عام ألفين وثمانية اعترف مجلس الاستخبارات القومي التابع للحكومة الأمريكية للمرة الأولي علي أن السلطة العالمية للولايات المتحدة تتدهور بمرور الزمن اي انها تسير في اتجاه نزولي . وعزا هذا المجلس ذلك الأمر إلي عوامل في مقدمتها التحول الهائل للثروة والأصول المالية من الغرب إلي الشرق لاحظ انه بعد الأزمة المالية العالمية لم تعد الولاياتالمتحدة قاطرة الاقتصاد العالمي وانما صارت دول مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجمهورية جنوب أفريقيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الدولي كما لم تعد مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى هي مجلس ادارة العالم، وانما صارت مجموعة دول العشرين هي التي تتولي الآن إدارة دفة الشئون الاقتصادية للمشهد العالمي وحتي البنك العالمي وصندوق النقد الدولي المتهمتان بأنهما ألعوبة في يد الولاياتالمتحدة قد أفلستا. وقد تخطى الاقتصاد الصيني نظيره الأمريكي إذ فاق حجمه فعلا حجم نظيره الأمريكي في عام ألفين وعشرة أكثر من ذلك فان الاقتصاد الأمريكي لم يتخلف فقط عن الاقتصاد الصيني، بل سيتخلف كذلك عن الاقتصاد الهندي. أما في مجال الابتكارات والعلوم التطبيقية والتكنولوجيات العسكرية فان الصين والكلام هنا للبروفسير ماكوي، تمضي قدما كي تكون لها زعامة العالم في هذه المجالات خلال الفترة ما بين ألفين وعشرين وألفين وثلاثين. يقول ماكوي في هذا الصدد إن هذه الفترة علي وجه التحديد ستشهد وصول العلماء والمهندسين العباقرة في الولاياتالمتحدة إلي سن التقاعد بدون أن يكون هناك طابور جديد من العلماء العباقرة القادر علي أن يحل محل هؤلاء المتقاعدين بسبب سوء العملية التعليمية في بلاد العم سام