وفي أيام العيد المترفة... حملنا أثير« ساهرون » إلى المجرات البعيدة.. وإبراهيم خوجلي.. ذاك المشتول في جنة توتي الخضراء يعطر سماواتنا بالإبداعات... والروائع.. وكان لابد لكل محب للنغم الجميل والطرب الأصيل أن يهييء كل حواسه وعصبه وقلبه وتجاويف ضلوعه للاستماع إلى رائعة الروائع افكاري تايهة.. وإبراهيم يتساءل عن الشغف والذوبان وجداً من كل الناس إلى الحبيبة الوسيمة.. الأغنية الفارهة السمحة.. أفكاري تايهة.. ويسأل العندليب لماذا هذه الأغنية تحديداً ونحن نجيب.. استاذنا الجليل بأن هناك أغنيات تحمل بطاقة المبدع تتلاحم الأغنية معه.. تلاحم العطر بالوردة.. يعني في يسر وايضاح.. وجزالة يقفز اسم إبراهيم خوجلي في تلك اللحظة التي يصدح فيها بأغنية أفكاري تائهة... والعكس صحيح تماماً وعندما تطرق اسماعنا كلمات والحان... وأشجان أفكاري تائهة.. يحضر حالاً وفوراً إبراهيم خوجلي.. وتماماً... عندما يشدو وردي بأمير الحسن عندها يأتي مسرعاً لاهثاً مرعوباً مجنوناً.. جنون عبقرية.. صاوي عبد الكافي.. فأنا تحديداً.. لم أعرف صاوي عبد الكافي إلا من خلال اغنيته الخالدة خلود الغيرة في أفئدة وأرواح... وخلجات ونواح الشعب السوداني..بل إني لا أعرف له أغنية أخرى غير أمير الحسن.. وصدقوني إن أبرع وأمهر من وصف الغيرة المجنونة هو صاوي عبد الكافي.. وهل هناك غير حبيبة.. رائعة مدهشة.. ثرية وغنية.. و«وصّافة» ومعبّرة أكثر من... من صحابك من قرايبك يا حبيبي بغير عليك كل من قال يا حبيبي أفتكرتو يشير إليك وأي عاشق لو تغنى قلت لازم شاف عينيك.. يا إلطاف الله.. تالله.. إن هذا هو أروع وأنبل وأبدع أنواع الجنون.. جنون الغيرة ومن قال إن الغيرة شائهة أو مشوهة.. أنها تلك النار اللاهبة التي تصهر أرواح الأحبة ليخرج من بين ألسنة لهيبها ثنائي بديع وأنيق وفريد.. ومازلنا في محطة الأغنية الهوية وها نحن في حضرة التجاني سعيد... وصحيح أنه شاعر عبقري مترف الحرف بديع العبارة.. جذل المفردة.. أنيق الكلمة... وصحيح أيضاً إنه قد سكب روحه السمحة في ديوان شعره الوسيم «قصائد برمائية».. ولكن صدقوني.. إنه يحضر مسرعاً بل يقف شامخاً.. أمام كل الناس عندما يبدأ الأمبراطور وردي في الشدو البديع والتطريب الأنيق ورائعته التي لازمته ملازمة الظل وعانقته عناق الأحبة الذي لا يعرف الانفصام.. والانفصام والآن.. دعونا نذهب.. إلى نهر الجمال.. والمحال.. نهر التجاني.. وهو يرحل... ثم يعود... ثم يسقي الزرع دموعاً.. ثم يحصد.. بكفيه.. دوى الريح... و.... قلت أرحل أسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفة أهوّد ليل أسافر ليل أتوه من مرفا لي مرفا أبدل ريد بعد ريدك عشان يمكن يكون أوفى رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى عيونك زي سحاب الصيف تجافي بلاد وتسقي بلاد وزي فرحاً يشيل مني الشقا ويزداد وزي كلمات بتتأوه.. تتوه لمن يجيء الميعاد وزي عيداً غشاني وفات عاد عمّ البلد آيات وزي فرح البعيد العاد وزي وطناً وكت اشتاقلو برحل ليهو من غير زاد بدون عينيك بصبح زول بدون ذكرى وبدون ميلاد رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى زمان الفرقة والتجريح بسيبو عشان تشيلو الريح بسيبو عشان صحيح الذكرى بتوِّه عمرنا صحيح وإنت معاي لا بندم ولا بقضي العمر تبريح أصلو العمر كان دربا مشيتو كسيح وكان غرساً سقيتو بكي وقبضت الريح رحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى