قصصنا في المقالة السابقة طرفاً في كيد ابن سبأ لدين الإسلام، وزيادة في التعريف به ننقل عن الشعبي التابعي المشهور أن ابن سبأ هو أول من أظهر الكذب في الإسلام، وكان في باديء أمره يظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان يتحبب إلى الناس ويتقرب إلى علي حتى أطمأن الناس إليه فأظهر دخيلته. قال وكان ابن السوداء يكذب على الله ورسوله وكان علي يقول «مالي ولهذا الحمبت الأسود».. والحمبت هو المنتفخ من كل شيء. والذي لاحظه المؤرخون وأصحاب السير والتواريخ والمدونات أن فرية تحريف القرآن لم تظهر ظهوراً شديداً في زمن ابن سبأ، وكان أول من أشار اليها قبله من الملة الكفرية الرافضية سليم بن قيس الهلالي في كتابه المشهور والذي أورد فيه روايتين مطولتين عن تحريف القرآن، وكيف أن علياً رضي الله عنه آلى ألا يضع رداءه عن كتفه حتى يجمع ويؤلف القرآن.. فلما فرغ من ذلك جاء به إلى الصحابة، فلما فتحوه وجدوا في أول صفحة منه فضائح القوم.. فقالوا له لا حاجة لنا به.. فردوه عليه فأخذه وانصرف.. ثم تلاوموا فقالوا كان الواجب أن نقبله منه حتى لا ينشره. فلما ذهبوا إليه وقالوا يا أبا الحسن هات القرآن قال: والله لا ترونه حتى يظهره ابني المهدي!!. وهي رواية في غاية السذاجة والبلاهة.. ولكن يبدو أن القوم استخفوا بعقول الرافضة فألفوا لهم هذه الأكاذيب فصدقوها وأصبحت أصولاً في مذهبهم. إن الذي لا شك فيه أن قدراً كبيراً من دين الرافضة مرده إلى ضلالات عبد الله بن سبأ التي نشرها وتلقفها عنه أصحاب الأغراض والأهواء، ممن ساءهم سقوط الدولة الفارسية المجوسية وانطفاء نارها إلى الأبد.. والروايات الدالة على المؤامرة السبئية تأخذ بتلابيب القوم ولكنهم لا يعقلون.. وهاهم أئمتهم يقولون في عبد الله بن سبأ الأقوال البينة الظاهرة.. فها هو أبو عبد الله جعفر الصادق يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ إنه أدعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً طائعاً لله.. الويل لمن كذب عليهما، وأن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم. والعجيب الغريب المدهش أن هذا الخبر في كتاب معرفة أخيار الرجال للكشي ص (70-71) وهو من أوثق المراجع عندهم. ونحن نحتج به عليهم.. مع علمنا بأنهم أكذب الخلق وأكفر الخليق وأسرعه إلى تصديق الباطل ونشره وترويجه.. ولكن الله يخرج من أضغانهم ما يفضح به كذبهم نهاهم عامة مراجعين يثبتون وجود عبد الله ابن سبأ وأقواله ومناكيره وافتراءه على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى أي حال ما كان لرجل واحد مثل ابن سبأ مهما بلغ من التأثير من أن يحدث في طائفة من الخلق مثل الذي جرى وسط الرافضة على يدي هذا الكذاب الأشر. ففي واقع الأمر هناك كثيرون ممن رفضوا مزاعمه وأكاذيبه في بادي الأمر من المراجع السبئية ذات الشأن.. فرفضوا في باديء الأمر تألبه، ورفضوا القول بتحريف القرآن.. ومن أشهر هؤلاء ابن بابويه القحي الذي أعلن البراءة من هذه العقيدة، وذلك في القرن الرابع الهجري كما أنكرها الشريف المرتضى (436ه) وأنكرها الطبري في مجمع البيان والطبرسي صاحب الاستبصار والتهذيب. إلا أن الطبرسي (آخر) صاحب الاحتجاج أحيا هذه الفرية في القرن السادس وجاء فيها بروايات كثيرة من غير إسناد لشهرتها- حسب زعمه- والاجماع عليها فهي ليست في حاجة إلى إسناد!!. ورغم ذلك بقيت فرية التحريف خاملة كامنة لا يجدي فيها التداول إلا سراً. ولم تعد هذه الفرية إلى الظهور إلا في فترة حكم الدولة الصفوية التي كانت هي السبب المباشر والوحيد من تحويل إيران كلها إلى المذهب الشيعي الرافضي، الذي تحول بفضل مجهودات إسماعيل الصفوي إلى ملة أخرى مضاهئة ومنابذة لملة الإسلام. إن الملة السبئية لا تقوم إلا على الكذب.. والسبئيون يكذبون في كل شيء ويكذبون على كل أحد، ويعتبرون الكذب من القربات خاصة إذا كان في نصر المذهب والمرجع الرافضي على المنبر يقترف من معين لا ينضب من الأكاذيب، ولا يحتاج في كذبه إلى شواهد ولا أدلة، فإذا ألقى فرية أو كذبة لا دليل عليها يقول لا تسألوني عن الدليل، فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى دليل أو يقول: لماذا لا؟ أو ليس لا؟ وقبل أن ندلف إلى موضوع الدولة الصفوية نود أن نبين شيئاً من فضائح الرافضة في الكيفية التي يصادمون بها مع مصادرهم الأساسية والأصول التي يعتمد عليها المذهب.. ونبدأ بالأصول الأربعة المتقدمة الكافي والاستبصار والتهذيب، ومن لا يحضره الفقيه والكافي للكليني عند الشيعة هو كالبخاري عند أهل السنة.. فهو أصح الكتب عندهم على الإطلاق ويقبلون جميع مافيه.. ومع ذلك. فإن مجموع الأحاديث الصحيحة في الكافي عند محمد باخر المجلسي وهو من أعلى مراجعهم في القرن الحادي عشر الهجري لا يزيد على 38% أما عند الطبريحي فهي 41% على أن المجلسي صحح جميع الروايات عن التحريف في الكافي. والصحيح في الكافي عند أغا بزرك 37.5% وعند اليهودي 27.9% وعند مرتضى العسكري 27.4%. ومع ذلك اسمع إلى الخوانساري يقول إنهم اختلفوا في كتاب الرافضة هل هو من الكافي أم يزيد عليه!!. وقال الطويسي (460ه) أن الكافي يشتمل على 30 كتاباً، ثم جاء الكركي بعد 600 عام ليقول إن الكافي خمسون كتاباً بالاسانيد المتصلة بالأئمة. أما صحيح البخاري فأحاديثه صحيحة بنسبة 100% ومسلم 100% والنسائي 91.6%% وأبو داؤود 73.2% وابن حاجة 73% أما من لا يحضره الفقيه لابن بأبويه القحي ( 381ه) ولقبه الشيخ الصدوق مع أنه كذوب فعدد ابوابه 176 باباً ورواياته 9044 بدون أسانيد زعم أنه استخرجها من كتب مشهورة. أما تهذيب الأحكام للطويسي (460ه) فقال عنه صاحبه إنه يزيد على 5000 حديث أي لا يبلغ 600 بالكتاب، الآن 13.920 حديث وهذا لا يدل فقط على تلاعب الرافضة بالكتب إنما يدل على تلاعبهم بدين الله جل وعلا وسنرى فظاعة هذا التلاعب.