كل الذين يرفضون معالجة الأزمات السياسية المتراكمة عبر الحوار والتفاوض سيتجاوزهم الزمن ويصبحون خارج حسابات الشعب السوداني الذي ظل يعاني لعقود طويلة من إخفاقات وفشل الحكومات السابقة إن كانت عسكرية انقلابية أو تلك الديمقراطيات الضعيفة الهشة المتقطعة التي لم تصمد كثيراً أمام التحديات التي دائماً ما تواجه البلاد بعد الثورات الشعبية التي قضت على تلك الأنظمة العسكرية الشمولية بعد اكتوبر 1964م والانتفاضة التي قضت على النظام المايوي في أبريل 1985م إلى أن جاءت الانقاذ بقيادة الدكتور حسن الترابي وأخفقت كسابقاتها من الحكومات المتعاقبة في إدارة شؤون البلاد منفردة، وذلك لنفس الأسباب القديمة لمحاولتها الانفراد بالسلطة بشكل أحادي أسقط من حساباتها كافة المكونات الاجتماعية والسياسية للشعب السوداني، في غياب تام وكامل للاجماع الوطني في كل القضايا القومية التي تواجه السودان!! إلى أن بادر السيد رئيس الجمهورية بطرح رؤية جديدة للوفاق الوطني والحوار مع الأحزاب ا لسياسية، وأيضاً الحركات المسلحة في سابقة وجدت الاستحسان والقبول من معظم تلك الأحزاب التي باتت تتطلع إلى حكومة قومية جديدة، بعد التوافق على الحلول السياسية لكافة الأشكالات والقضايا العالقة، وهي خطوة إيجابية من السيد الرئيس لم تكن تصريحاً أو قولاً في الهواء الطلق بل ترجمها إلى واقع بتلك اللقاءات الثنائية مع قيادات الأحزاب السودانية المؤثرة في خارطة السياسة، والتي لها ثقل جماهيري في كل الولايات، ولكن الحزب الشيوعي السوداني وأخرون من أحزاب قوى الإجماع الوطني ظلوا رافضين للدعوة لأسباب تتعلق بغياب الثقة ما بينهم وحزب المؤتمر الوطني صاحب الدعوة، في حين أنهم يؤيدون تماماً المبدأ المتعلق بالحوار والتفاوض الذي أجمعت علية كافة القوى السياسية الأخرى مما يستوجب مراجعة قرارهم وتأجيله إلى حين الجلسات الأولى للحوار، والتي تبدأ بالإتفاق حول أجندة الحوار الخاصة بالقضايا القومية والحريات والتحول الديمقراطي عبر الكيفية التي يمكن أن يحكم بها السودان، بعد التوافق حول الدستور الدائم والقوانين. حيث لا يعقل أن يرفض أحد الجلوس والتشاور في منبر وطني يتيح له طرح كل أفكاره ورؤاه..!! وأتمنى أن لا يتغيب أحد.. والعبرة بالخواتيم.