الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:الحوار بين الجماعات أو الأفراد أو مع الدولة فهو روح الإسلام فواجب العلماء تقديم المناصحة، وفي الحديث (الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) وأيضاً حديث (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فالتغيير باللسان فرض كفاية، وإنكار المنكر بالقلب فرض عين، وشروط ذلك: أولاً: أن يكون المنكر مجمعاً عليه فلا إنكار في مسائل الخلاف ثانياً: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه ثالثاً: أن يغلب على يقينه أو ظنه الإفادة رابعاً: أن يتوقف في الإطلاع عليه بالرؤية لا بالتسور والتجسس خامساً: أن يكون عالماً بالمنكر، ويفضل عدم التشهير بالإنفراد واختيار الزمان والمكان، قال الشافعي رحمه الله (تعمدني بنصحك في انفرادي* وجنبني النصيحة في الجماعة.. فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه)فلذا أقول أجمع العلماء على أن التغيير بواسطة السلاح والقتال ممنوع لما فيه من الضرر الكبير على البلاد والعباد، والقاعدة الأصولية (الضرر يزال) والحديث يقول (لا ضرر ولا ضرار) وهذا كله مشروط بكون الحاكم ينطق الشهادتين(مسلم)وواجب ولي الأمر الاستماع والأخذ بالحق وقد سمع الله كما في قوله تعالى:«قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» . وثبت في الموطأ أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورّث، فقال لها ما أجد لك في كتاب الله شيئاً وما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئاً، ثم قام فسأل الناس، فقام المغيرة بن شعبة فقال حضرت النبي صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس، فقال له هل معك أحد؟ فقام محمد بن مسلمة فشهد بمثل ذلك، فأنفذه أبو بكر رضي الله عنه. وفي تفسير ابن كثير عند قوله تعالى:«وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» صدق الله العظيم سيدنا عمر حدد مهر الزواج، فقالت له امرأة ما هذا لك؛ وتلت الآية، فقال سيدنا عمر رضي الله عنه أصابت امرأة وأخطأ عمر.إذاً على كل الكيانات والجماعات والأفراد وعلى واجب الدولة أن يتجرد الجميع فوق الذات والنفس والمصلحة الحزبية الضيقة، بل ينظروا للسودان الحبيب ومصلحة البلد إرضاءً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقاً للعدل والأمن.