والتجديد عند الترابي يمتد إلى كل جوانب الدين فهو يدعو في محاضراته إلى ثورة اسلامية تجديدية شاملة للفقه الاسلامي الذي يصفه بالجمود والتقليد واستحضار القديم والامتنان به، وحصر الدين في تقاليد القدماء، ويعلن على الملأ بضرورة تجاوز الموروث الفقهي كله باعتبار أن التنقيب فيه لا يغني عن ضرورة إيجاد فتوى عصرية، وخط التجديد يمده الترابي على استقامته حتى يصل به التجديد في أصول الفقه نفسها، والدعوة إلى بناء منهج أصولي جديد للاجتهاد بعد أن كان من غير الممكن للمنهج القديم الاستجابة لبناء المجتمع وقد خالف الترابي العلماء في دعوته لتجديد الفقه، وقدموا نقداً عملياً لمنهجه، والمنهج الجديد الذي يتصوره الترابي متجاوزاً لكل التراث الاسلامي، ولا يحتاج في رأيه إلى أن نطلب له شاهداً من التاريخ أو سابقاً من السلف. فالتراث الديني عند الترابي فيما بعد التنزيل «أي القرآن وسنته» كله من كسب المسلمين ولابد حسب رأي الترابي أن يتطور مع الأزمات تبعاً لاختلاف البيئات الثقافية والاجتماعية والمادية وتتجاوز آراء الترابي في قضية السنة النبوية في كثير من جوانبها التصور الأصولي السلفي المعاصر، فهو لا يعترف بخير الآحاد كحجة في الاحكام ويفرق بين الملزم وغير الملزم من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه، ولا يعطيها كلها حد الالزام، ويفرق بين ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كرسول ومشرع، وبين الحديث الذي يدعو إلى إعادة صياغتها بعد تنقيح مناهج الجرح والتعديل ومعايير التصحيح والتضعيف، ومن بين ما يقترحه في هذا الصدد إعادة تعريف مفهوم الصحابة، وعدم الاعتراف بقاعدة اساسية عند المحدثين، تنص على أن كل الصحابة عدول، وهو ما آثار عليه ثائرة السلفيين حتى اعتبره البعض من منكري السنة النبوية، بل وصل بأحد الكُتاب وهو من قيادات الإخوان بالسودان كتاباً اسماه «الصارم المسلول في الرد على الترابي شاتم الرسول». ويعتبر الترابي من أول الاسلاميين في طرح فكرة إعادة صياغة الاسلام وتكييفه حسب العادات والأعراف والسمات الخاصة بكل شعب، بحيث يصبح الاسلام نسخاً متباينة بحسب طبيعة هذه الشعوب مع الاحتفاظ بالقاسم المشترك الذي يوجد بين هذه النسخ فتصبح أمام اسلام سوداني وآخر سعودي وثالث مصري وهكذا، حتى إن جماعة الإخوان المسلمين التي كان قائداً لها يوماً ما أصدرت بياناً نشر في 1988م تؤكد فيه أن الخلاف بين الإخوان والترابي خلاف في الأصول. ووصفه أحد الكتاب السلفيين بأنه يكرر ما فعله «مارتن لوثر» مع الكنيسة الكاثوليكية، ويؤسس لما اسماه بالبروتستانية الاسلامية هكذا قال أحد الكتاب الاسلاميين فيه، وهذا لم يمنع في الوقت نفسه أن الكثيرين من الاسلاميين ينظرون للترابي باعتباره مدرسة للتجديد الاسلامي مستقلة بذاتها حتى أن اللبناني «فتحي يكن» احد القيادات الفكرية الرائدة في الإخوان المسلمين أقر بأن الترابي «بجانب» الغنوش وسيد قطب مدرسة تجديدية مستقلة بذاتها من ضمن أسماء المدارس التجديدية للإخوان لكن الترابي لم يقتنع بدور المفكر الذي ينظر ويجتهد، ولم يقتنع أيضاً أن تقيم أفكاره دولة «كما فعلت ثورة الانقاذ». ولم يقبل بدور المرشد والموجه والمنظر الذي يعلو على سياسة، وإن احتفظ بدور فاعل كما فعل آية الله الخميني الذي ظل حاكماً للعبة السياسية برمتها في إيران، وفاته دون أن يتورط كمرجع ومرشد ديني في صراع الفرقاء السياسيين بل أراد الترابي أن يجمع بين الفكر ليلعب «المفكر تحت الطلب» ويفكر ويجتهد ليوظف افكاره، وانتقل من دور المفكر الحر واجتهاداته لمشروعه السياسي فبدأ سياسياً وهو يفكر ويجتهد ليقدم المشروعية والعقلانية والغطاء الآيديولوجي لحركته السياسية. ü تعليق: أنا بحب الترابي.. هنالك انفتاح قادم في العلاقات ورؤية فكرية جديدة شاملة فقط اعطوا الرجل كل شيء وستنتهي مشكلة السودان.