غابرييل خوسيه دي لا كونكورديا غارثيا ماركيث أحد الكتاب الذين أسروا خيالاتنا في فترة المراهقة مع اللغة التي لم نستطع أن نستوعبها في تلك الفترة كوجبة كاملة ولكننا انغمسنا في الإحساس الذي يتصوره والواقعية التي يسرد بها مع الخيال العجيب والتفاصيل الممتعة.. وبمرور العمر وتطور المعلومة واتساع المقدرة على الاستيعاب والتمكن من التعرف على الفكرة والموضوع.. والبحث عن المسميات والفرز ما بين القصة ومجموعة القصص وعلاقة النقد والأدب في كل مرحلة تطورت معها طرق الافتعال والافتتان بالنصوص وتصنيفاتها.. أصبح ماركيز رمزاً من رموز القصة والرواية وافتتنا بأسلوبه ومقدرته على التحليل السريع والممتع والتصور غير المحدود للواقع.. وتعتبر رواية ماركيز مائة عام من العزلة من الروايات التي جسدت الواقعية السحرية أو العجائبية حتى أنها صنفت أنها الأكثر تمثيلاً لهذا النوع من الأدب.. واعتبر ماركيز من رواد هذه التقنية الروائية.. وحقيقة أنا من أكثر العشاق لهذه الفكرة ليس في النص المكتوب ولكن في النص المرئي أيضاً.. وهي تقنية روائية غلبت على كثير من الأعمال الروائية في الأدب الألماني منذ مطلع الخمسينيات.. وأدب أمريكا اللاتينية بعد ذلك ثم وجدت طريقها إلى بعض الأعمال في آداب اللغات الأخرى.. وتقوم هذه الواقعية على أساس مزج عناصر متقابلة في سباق العمل الأدبي فتختلط الأوهام والمحاولات والتصورات الغريبة بسياق السرد الذي يظل محتفظاً بنبرة حيادية موضوعية كتلك التي تميز التقرير الواقعي.. وتوظف هذه التقنية عناصر فنتازية كقدرة الشخصية الواقعية على السباحة في الفضاء والتحليق في الهواء وتحريك الأجسام الساكنة بمجرد التفكير فيها أو بقوى خفية بغرض احتواء الأحداث السياسية الواقعية المتلاحقة وتصويرها بشكل يذهل القاريء ويربك حواسه فلا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي.. وتستمد هذه العناصر من الخرافات والحكايات الشعبية والأساطير وعالم الأحلام والكوابيس.. وفي حكايات ألف ليلة وليلة توظيف فطري للواقعية السحرية مثل ما نجده في قصص الجانو البساط السحري ومصباح علاء الدين. توفي ماركيز بعد أن عاش حياة مليئة بالخيارات والمواقف في حياته الشخصية وحياته التأثيرية العامة من كل المواقف السياسية أو حتى في أسلوب حياته الخاصة وأيضاً قدم عجائب اقتربت من الأربعمائة تعتبر من كنوز الأدب اللاتيني باللغة الأسبانية وقدم لأحلامنا وخيالاتنا وواقعيتنا الكثير من الإثارة.. والفكرة.. والموضوعية.